عيد الأضحى هو أحد أعياد المسلمين والذي يوافق يوم 10 ذو الحجة بعد انتهاء وقفة يوم عرفة.
لعيد الأضحى أسماء مختلفة منها: يوم النحر، والعيد الكبير، وعيد القربان.
اعتاد المسلمون تحية بعضهم البعض فور انتهاء مراسيم خطبة وصلاة العيد، ومن ثم القيام بتقديم الأضاحي والقرابين وتوزيعها تقرباً لله. ويتم تزاور الأقارب وبيوت ذوي الأرحام والتهنئة بمقولة: "تقبل الله منا ومنكم الطاعات" أو "كل عام وأنتم بخير".
والسؤال المطروح هنا: لمن العيد اليوم؟
فقد قيل في روائع الأدب "ليس العيد لمن لبس الجديد، وإنما العيد لمن أمن الوعيد".
لا شك أن العيد فرحة وسرور، يتم شراء أفضل وأجمل الثياب والملابس وبالذات للأطفال والأولاد من ألعاب وهدايا وبهجة واحتفال.
كيف لا يطرح السؤال نفسه، في ظل مستجدات الجنوح والتسيب؟ رغم أيام وقفات العيد ورغم العيد، ضاربين بعرض الحائط حرمات أقدس وأفضل الأيام.
التغطية الإخبارية للكوارث وفظائع القتل والجريمة والاغتيال تدفع بالضحية إلى مقدمة أذهان الجمهور جنبًا إلى جنب مع تمثيلات الثقافة الشعبية في الأفلام وبرامج التلفاز، مما يجعل الجاني المجهول الهوية (في أغلب الأحيان) يعيش في فضاء مهووس مغتراً بالفرار وكأنه فرّ من عدالة الأرض والسماء بعد أن أجهز على الضحية ظاناً أنه "أمِنَ وعيد السماء". كل الكتب السماوية والأعراف الإنسانية لا تعطي الحق لأنسان أخذ روح انسان مهما كانت الأسباب. هناك عدد لا حصر له من وسائل الحوار والاحتكام بالخلافات بين الناس، مهما عظُمت.
من الوارد سيكولوجيا، قد تكون تلك التغطية المهووسة لشبكات التواصل والأفلام حافزاً لبعض المتهورين القاصرين الدخول الى عالم الاجرام، بدليل أن الجاني أصبح "نجماً" سينمائياً لفيلم يتداوله الملايين من المشاهدين، وهو يطلق النار أو السكين على الضحية المرة تلو المرة ومن ثم يفر هارباً. لكن من المنظور المظلم الضيق للجاني ربما يُخيّل له "بطولة" "نجم ثقافة البوب الجديدة" أن بات جزءًا من المحادثة اليومية (رغم كونه مجهولا) طاغيا على جدول أعمال الناس اليومي ويتم استهلاكه كترفيه.
ما الذي يجعل تلك العدسة المرنة تحدّق في الضحايا المستهدفين ومن ثم التهامهم في كثير من الأحيان كترفيه اجتماعي مستساغ؟ ربما إنه التمثيل الخيالي المفرط للعديد من شرائح المجتمع (ابتداء من سلطة الوالدية وانتهاء بسلطة القانون) لإيجاد الحلول وتخطي الأزمات، ولكن التمثيل الواقعي على ما يبدو، بالضحية هو الذي يسمح للنظرة بأن تتجذر بقوة في خضم الفضاء المهووس أو بالأحرى "الزجاج المظلم" الذي يتيح السيطرة على الثقافة الشعبية بتفقد الهواتف الذكية كل لحظة للبحث عن الضحية والجثة التالية في كل بلد وضاحية ومدينة ودولة. ومن المثير للاهتمام، على الرغم من أن الضحية تكتسب وضوحًا من خلال عدسة الثقافة الشعبية، إلا أنها تظل عنصرًا للسخط الصامت والغضب المكبوت، وتذكيرًا بالفناء البشري خارج هذا العالم، مما يبرز التوتر بين مقبولية الهوس العام واستهلاك العنف واستهلاك مناظر القتلى والجثث واستهلاك العائلات الثكلى.
جثة الضحية، في شتى أنحاء كوكبنا الأرضي، التي تُعرض على الأحياء عبر التصوير الإعلامي هي إنسان ليس على قيد الحياة وبالتالي لم يعد بإمكانها تأكيد الحقوق أو المطالبة بجعلها "كيانًا عاجزًا يحتاج إلى حماية" المجتمع والسلطة والقانون. على النقيض من ذلك، فإنها تمثل أيضًا "تهديدًا قويًا للأحياء" من خلال الأسئلة التي تدور حول الأخلاقيات، والترفيه، والاستهلاك، جنبًا إلى جنب مع مقولة: لمن العيد ُ اليوم؟؟؟
لا بد من تضافر الجهود بكل مركبات المجتمع: البيت والسلطة الوالدية والمدارس والمؤسسات التعليمية والرسمية للنهوض بالمجتمع. كل عام والجميع بخير.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com