يوم عرفة دعوة عامة للتصالح مع الذات والآخرين. يوم عرفة فرصة مواتية لكل انسان التقدم بخطى ثابتة نحو عمل الخير والأخلاق الحميدة. يصادف غدا الجمعة يوم عرفة، وهو أحد الأيام العشر التي أقسم الله بها بالقرآن الكريم في سورة الفجر، دلالة على فضلها وعلو قدرها.
ليوم عرفة فضائل جمة ومتعددة على الصعيد التربوي والديني والروحاني. عَن طَلْحَة بن عُبَيْدِ اللَّهِ، أَنّ رسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم قَال: " مَا رُئِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمًا هُوَ فِيهِ أَصْغَرُ، وَلَا أَدْحَرُ، وَلَا أَحْقَرُ، وَلَا أَغْيَظُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ. وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا رَأَى مِنْ تَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ، وَتَجَاوُزِ اللَّهِ عَنِ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ، إِلَّا مَا أُرِيَ يَوْمَ بَدْرٍ". ويتجلى ذلك بكثرة العتق من النار بيوم عرفة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة) رواه مسلم في الصحيح.
اختلف العلماء في سبب تسمية "عرفة" بهذا الاسم، فمنهم من قال: أن آدم وحواء حينما أنزلهما الله من الجنة إلى الأرض، أنزلهما في مكانين مختلفين، فكان موقع جبل عرفة هو المكان الذي التقيا فيه، وتعارفا على بعضهما فيه.
كما ورد أن الملاك جبريل كان يُعلم سيدنا إبراهيم عليه السلام المناسك، وكان يطوف به في الجبل، ويردد له قوله "أعرفت، أعرفت"، وكان يرد عليه سيدنا إبراهيم بقوله "عرفت، عرفت".
ورأي آخر أن الحجاج يجتمعون في يوم عرفة على صعيد الجبل، ويتعارفون على بعضهم البعض، فهو يوم تتنزل فيه الرحمات، وتعتق فيه الرقاب، وهو من خير الأيام التي يستحب فيها عمل الخير، وصيام ذلك اليوم يكفّر سنة ماضية وأخرى آتية.
عندما سئل النبي عليه الصلاة والسلام عن صيام يوم عرفة (لغير الحجاج)، قال: يكفر السنة الماضية والسنة القابلة. رواه مسلم
ولا بد من الإشارة إلى أن عرفة يوم من أيام الأشهر الحرم، فهو اليوم الذي أتمّ الله فيه نعمته على عباده، وأكمل لهم دينهم فيه. حيث نزلت الآية القرآنية: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا) نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة يوم الجمعة.
الدعاء يوم عرفة عظيم بامتياز، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة). هذا يوم عرض الحاجات على رب العباد.
الله عز وجل يباهي الملائكة بأهل عرفة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء) رواه أحمد. يوم عرفة فرصة كبيرة ولتكن رغبة خارقة وصادقة للتصالح مع الذات والاخرين ومع الله.
لتكن توبة وقربات الى الله ومشاركة نشطة في العبادات لمن أحب واستطاع، من خلال توفير مساحة روحانية خلّاقة تهتدي بها الذات الى الالهام والجمال الروحي الذي يرشد النفس ويزكيها بالخير والتقوى والأعمال الطيبة بعيدا عن الفجور وايذاء الناس.
كل عام والجميع بخير