ما يجري في السّاحة السّياسيّة "يُطيّر العقل" فسلامة عقلك يا بن أمّي.
وما نراه يوميًّا على شاشة التّلفاز من أحداث ترفع ضغط الدّم وتعرّض جسدك الى خطر جلطة دماغيّة "أخت شلّيته" كما اعتاد الفنّان الشّهير ناجي العلي أن يشتم. وما تسمعه وتقرأه وتشاهده من وسائل الاعلام الاسرائيليّة الّتي تزعم الموضوعيّة تجعلك تتقيّأ من الكذب "عينك عينك" فهذه الوسائل أمينة في نقل الخبر عمّا يخدم السّلطان، ومن يأكل من خبزه ويضرب بسيفه، ولكنّها غير أمينة بل كاذبة ومحتالة وتلعب "الثّلاث ورقات" في كلّ ما يتعلّق بالعرب في الدّاخل والخارج، وفي البرّ والبحر والجوّ.
توتو توتو، هعرفيم يموتو، بيوم رشون. وأعرف أنّ ما تراه وتسمعه وتقرأه وتشمّه من أخبار يوميّة "تصدّ النّفس" وتسلب الشّهيّة حتّى على مأدبة الإفطار الرّمضانيّة بعد نهارٍ طويل، ولا شكّ بأنّ المحرّض الأكبر عليك وعلى أهلك ( شو اسمه؟ الله لا يردّه) يبدو يساريًّا ومعتدلًا فيما أنت ترى الخواجات بن غفير وسموطرتش وساعر وبنيت والكين والسّيّدات أيليت شاكيد وجليت أطبريان وميري ريغف يتفوّهون بدرر الحكمة الطّالعة والنّازلة من أفواههم. وأعترف بأنّني نسيت منهم أسماء عديدة لا تسع مقالتي القصيرة لتعدادها، وسلامة ذاكرتك يا خيّا! لا تزعل فلا فرق بين الائتلاف وبين المعارضة، أو بين اليمين وبين اليسار مع وقف التّنفيذ. رحم الله اليسار الاسرائيليّ فلا تجوز على المتوفّى سوى الرّحمة. قال الرّسول صلّى الله عليه وسلم اذكروا محاسن موتاكم. والله ما وجدت لهذا اليسار حسنة واحدة يا رسول الله.!!
أقدّر بأنّك متضايق ممّا يحدث يا بن أمّي في البقعة المقدّسة الّتي بارك الله حولها وتخشى بأن يحوّل هؤلاء المجانين الصّراع من سياسيّ الى دينيّ يحرق الأخضر واليابس.
دعني أجسّ نبضك يا بن أمّي وأعلم أنّه لا حقن ولا كبسولات تنفعك، لا حبوب كيماويّة مثل: حبّة العدس أو حبّة الفاصولياء أو حبّة السّمسم كما اعتادت جدّتي أن تصف دواءها، ولا شربة الخِروِع ولا شربة الملح الانجليزيّ تستطيع أن تنظّف معدتك من أوساخ القناة 11 أو 12 أو 13 أو 14 أو أيّة قناة من صفر الى 99، ولا من سموم من قطّارة أو مزراب هؤلاء "العربستيم" والمتسعربين والخبراء في الشّؤون العربيّة الّتي درسوها في العسكريّة وتناولوها في كازا بلانكا ودبي وجونيه وأربيل وأم درمان ثمّ أخذوا غفوة بالمنامة. نوم الهنا فنوم الظالم رحمة.
هناك من هو متعطّش ليصطادك كما يصطادون السّمّان. والتّهمة جاهزة فقد قال: الله أكبر أو بيدّه سكّين أو مفكّ أو برغي أو حجر صوّان أو في بيته قصاصة جريدة فيها خبر عن داعش.
دعني أجسّ نبضك يا محترم وأدعوك الى رحلة في جبال بلادنا ومروجها ووديانها كي تشمّ أزهار القندول الذّهبيّة ونوّار اللّوزيّات وأزاهير الأقحوان وشقائق النّعمان وتشمّ رائحة الفيجن والميرميّة والزّعتر وتنسى رائحة السّياسّة.
دعني أجسّ نبضك يا بن أمّي وأدعوك لترافقني الى "العقد الفريد" لابن عبد ربّه و كتاب "الأغاني" لأبي الفرج الأصفهانيّ ومؤلّفات الشّيخ السّاخر معلّمنا الجاحظ في "البخلاء" الّذي لم يترك موبقة من موبقات الشّحّ الّا ألصقها بالفرس وفي كتاب "الحيوان" وبخاصّة ما كتبه عن الكلاب والذّباب (سقطت ذبابة في صحني فأشفقت عليها وهي تحتضر فيما أنا أضع الصّحن جانبًا) ولا تنسَ أن تتزّود بطرائف المعلّمين وتحفظ عن ظهر قلب قصّة المعلّم العاشق الّذي كاد العشق أن يودي به عندما أحبّ امرأةً لا يعرفها ولم يشاهدها فأقنعت قصّته الجاحظ بكتابة رسالة المعلّمين.
في تراثنا دواء ينعش الذّاكرة ويفرح القلب ومفعوله أقوى من الدّي.دي.تي إذا رششته على هؤلاء الّذين ينغصّون حياتك. ومن باب الاحتياط لا مانع أن تقرأ سيرة أبي ذَرّ الغفاريّ وغاندي ونلسون مانديلا.
وسلامتك ان شاء الله!
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com