لا يوجد شك أبداً في أن عضو الكنيست الدكتور منصور عباس رئيس القائمة العربية الموحدة (الجناح السياسي للخركة الإسلامية الجنوبية) قد أصبح نجم الصحافة العبرية، بسبب مواقفه السياسية المميزة إزاء اليمين والتي بدأها بالغزل مع نتنياهو، ثم أكملها بالمشاركة في الإئتلاف الحكومي الذي جلب المتطرف اليميني القومي نفتالي بينيت إلى كرسي رئاسة الحكومة. الدكتور منصور عباس على قناعة تامة بأن نهجه هو الطريق الصحيح، بينما يرى الغير أن هذا التهج يعتبر خروجاً عن الخط العربي العام الذي يرفض دعم أي حكومة إسرائيلية. والمفاجأة كانت من حركة إسلامية أوقفت الحكومة على رجليها ولا تزال واقفة بفضلها.
التطورات الأخيرة في الأقصى دفعت بالزميلين فايز اشتيوي وسعيد حسنين إلى إجراء حوار جديد مع الدكتور منصور عباس في برنامج "مواجهة"، وهي خطوة مهنية بامتياز لمواكبة الحدث. في البرنامج،الذي تم بثه في الثامن عشر من الشهر الجاري، تحدث الدكتور عباس عمّا يروق له، ونحن بدورنا نحلل (ما راق له) لكي نضع النقاط على الحروف فيما قاله عن الأقصى وعن مواقف الموحدة ومواقف الغير أيضاً.
يوجد مثل شعبي يقول "المكتوب يقرأ من عنوانه". ومن يقرأ بعض ما جاء في عناوين "المواحهه" يلمس التضليل وعدم المصداقية في أقوال الضيف الكريم. يقول الدكتور منصور عباس:" المسجد الاقصى ليس فقط خط احمر بل ايمان وعقيدة". لو أن هذا الكلام صحيحاً لاتخذتم موقفاً مغايراً من الأقصى، وأعني الانسحاب من الإئتلاف لتعطوا بينيت درساً قاسيا عبرة له ولغيره. ألا يستحق الأقصى مثل هذا الموقف؟
لكن أنتم متمسكون بالإئتلاف والحكومة، بمعنى أن مصلحتكم هي في بقاء الحكومة لأن بقاءها من بقائكم، مما يعني أن بقاء الائتلاف أهم من الأقصى بالنسبة إليكم. قد يكون الإيمان في القلب والعقيدة في الفكر، لكن الممارسة الفعلية على أرض الواقع مختلفة تماماً.
ويقول الدكتور منصور:" الموحدة ملتزمة وتبذل كل جهودها لحماية المسجد الأقصى، ومن خلال وجودنا في الائتلاف نحاول التأثير لحماية الأقصى ". يا سلام عالصياغة الرنانة. ولكن ماذا فعلتم لحمايته؟ أين هي الجهود التي تبذلوها؟ هل هي مثلاً في "نكتة" تجميد العضوية في الكنيست؟ أم في الاجتماعات الطارئة مع بينيت ولابيد؟ ثم تدعون بأنكم "تحاولون" التأثير لحماية الأقصى من خلال وجودكم في الإئتلاف الهش. وهنا أعجبتني كلمة "نحاول" و" المحاولة" تعني عدم التأكد في المفهوم السياسي .
ويقول رئيس القائمة العربية الموحدة ، "إن تجميد عملنا في الكنيست هو رسالة للحكومة ووضعنا موضوع الاقصى على طاولة الحكومة". عن أي تجميد تتحدث يا دكتور؟ نشاط الكنيست مجمد حتى الثامن من الشهر المقبل بسبب إجازة الأعياد، والمطلوب ليس وضع الأقصى على طاولة الحكومة، بل "ضرب" طاولة الحكومة بيد قوية، وإن أمكن ضربها "بالحذاء" كما فعل الزعيم السوفييتي السابق خروتشوف في الأمم المتحدة. هكذا يفهم بينيت وغيره من قادة أحزاب اليمين.
من العيب يا دكتور منصور اتهام الآخرين بعدم العمل للأقصى باستثناء الصور والمقابلات، فأنت نفسك قلتها بوضوح أنكم تعملون ولا تخرجون بما تعملون للإعلام، وغيركم أيضاً يفعل ذلك وأكثر. فأنتم لستم الوحيدين الذين يعملون للٌأقصى. عيب.
وتفتقت عبقرية الدكتور منصور بقوله في البرنامج:" استمرار الاقتحامات في الأقصى سيؤدي لاتخاد قرار سياسي". نحن نتفق معك في هذا الرأي، ويجب اتخاذ موقف مما يحدث في الأقصى. ولكن ألا ترى يا دكتور أن الاقتحامات مستمرة وتتواصل بشكل دائم؟ فماذا تنتظرون بعد؟ ألم يحن الوقت لاتخاذ قرار؟ ولكن المهم هو شكل ومضمون القرار. فإذا كان القرار شبيها بقرار "تجميد العضوية في الكنيست" فعلى الدنيا السلام
ويقترح الدكتور منصور على "المشتركة" انسحاباً جماعياً من الكنيست، بمعنى انسحاب أعضاء "الموحدة" و"المشتركة" من الكنيست. هذا الإقتراح هو محاولة هروب من الواقع أو "الورطة" التي تعيشها الموحدة لعدم وجود علاقة بالحدث. فأنت باقتراحك يا دكتور منصور تريد وضع الكرة في ملعب "المشتركة. ولو أن المشتركة داخل الحكومة وتريد انسحاباً جماعياً منها فنحن نتفهم ذلك. لكن أنتم وحدكم في الحكومة، فلماذا تحشروا "المشتركة" بأزمتكم؟ وللذين يحاولون الصيد في المياه العكرة، أقول ان موقفي هو مجرد تحليل وليس دفاعاً عن المشتركة، وأنا بطبيعة الحال ليس من المؤيدين لدخول الكنيست.
عودوا إلى رشدكم وانسحبوا من الإئتلاف، أشرف لكم وصياماً مقبولاً وإفطاراً شهياً"
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com