قد تذوب الوجوه جميلة الخلق والسيرة الحسنة في تراب هذه الدنيا الفانية وتبقى الأعمال والذكرى العطرة لترسم وجها أروع من الأخرى.
فجعت الساحة الثقافية والتربوية على الصعيد المحلي والمنطقة بوفاة عملاق الشعر الناقد الكبير شاكر فريد حسن، ابن مصمص الذي وقع كالصاعقة، وقد نعته الحركات الأدبية والثقافية وأصحاب الأقلام بقلوب يعتصرها الألم والحسرة وعيون أدماها الدمع وإيمان وطيد على رجاء القيامة!
معرفتي بالراحل الغني عن التعريف، بدأت قبل سنة وخلال هذه الفترة الزمنية الوجيزة كشفت أن الحديث يدور حول إنسان حضاري معطاء راقٍ، داعم محب، صاحب الكلمة الحرة والراقية، إنّه إنسان بكل ما تحمل هذه الكلمة من مزايا إنسانية سامية يشهد لها الداني والقاصي.
ومن أجل الإنصاف والمصداقية أسمح لنفسي أن أقول وبكل ثقة، مهما حاولت الأقلام أن تنتقي الكلمات وتنمق العبارات، تبقى هزيلة مقصرة وعاجزة لتفيه حقه ولا تستطيع بآلاف الصفحات أن تدوّن قسما من كتاباته التي تصدرت مواقع التواصل والصحف يوميا، وكان لها دور كبير في إثراء الحركة الثقافية والتربوية، وساهمت في تعزيز الوعي الوطني وترسيخ الرؤية التاريخية للمجتمع.
في هذا المقام أرى من المناسب أن أنشر ما سطر قلمي عنه تحت عنوان
"شاكر فريد حسن نجم لا يجف بريقه" ردا على تقييمه الرائع لكتابي صدى الصمت، قلت فيه ما يلي؛
"في حضرة الشعر تتبخر العبارات صامتةً، وفي حضرة الشاعر يتوارى النثر والناثر، وفي هذا المقام في حضرة الشعر النابت من تراب أرض المثلث والمزهر في القلوب المتألق بالمعاني العميقة إبداعا، المتدفّق جمر المعاناة نزيفا، كالنهر في المنحدر لا يعرف العناء، يقطر حروفه الخالدة الأشبه بقطرات الماء الصافية التي تثقب الصخور الصلبة بعزيمتها وتواصلها ولا يمكن أن يقف أمامها أي عائق مهما بلغت عظمته وجبروته!
نعم لم أتردد كيف أبدأ، وماذا أكتب، كما يحدث في بعض المحطات والمواقف، ولا تكفي مئات الصفحات لأن المقصود كاتبٌ شاعر، وناقد مميز متألق، لامع بالعطاء والتضحية، تقف الأقلام هزيلة في حيرة، مقصرة وعاجزة مهما سطرت وانتقت أروع العبارات؛ لأن الروح جسدت معانيها أمام روعتها وعلو همتها.
المقصود كاتبنا الغني عن التعريف الذي لم ولن يخفت بريقه، ابن قرية مصمص المثلثية الأستاذ شاكر فريد حسن الذي لا يختلف اثنان على أن بصماته واضحة وأكيدة في إثراء الحركة والساحة التربوية والثقافية والأدبية، إذ تملأ كتاباته الرائعة مواقع التواصل الاجتماعي وعددًا كبيرًا من الصحف المحلّيّة.
يولي كاتبنا العريق اهتمامًا منقطع النظير للأقلام الواعدة؛ يدعمها ويرافقها في مسيرتها الجديدة بالإضافة إلى تسليط الضوء على الأدباء والشعراء المعروفين.
وفي هذا المقام لا بد لي أن أبعث للكاتب شاكر أكاليل التقدير والعرفان، مزينة بعبق الياسمين والريحان لما سطر مداد قلمه من مداخلة وتقييم لكتابي "صدى الصمت" بكل شفافية ومصداقية، بحس وذوق وأسلوب حضاري وراق إذ قال: "وما يسم كتابة معين أبو عبيد الصدق والعفوية والصراحة اللامتناهية في تعرية مجتمعه ومعالجة همومه وقضاياه بعيدا عن الزيف والمداهنة والمراوغة فضلا عن أسلوبه المشوق ولغته المدهشة الراقية الآسرة والجذابة وطرحه الفكري الواضح.
أعترف بإعجابي بأسلوب معين أبو عبيد وكتاباته والموضوعات التي يطرحها ويعلق عليها وبطريقة تفكيره وتحليله للأحداث والأمور وأكثر ما يعجبني بقلمه وبه تللك الشفافية للمحبة والتآخي والتسامح والفضيلة والتمسك بالقيم الأخلاقية، وقد استمتعت أيما استمتاع بكتابه بما فيه عطر الكلمات التي تفوح من سطوره وزنابقه".
نعم يا أخ شاكر، ما أروع قولك المعبر: "نحاول أن نجعل من حياتنا أسطورة، ومن أشعارنا وقصائدنا أملًا وانبعاثًا لحياة مختلفة ومغايرة، ومُثلًا يسودها العدل الاجتماعي والتسامح الإنساني والقيم الجميلة والخير لكل أبناء البشر". وقول آخر: "إن الشعر عمق استراتيجي وكائن للوجود الإنساني، والكائن الذي لا يموت أبدا، فهو خالد في الأساطير ".
وللخلاصة أقول، وبكل ثقة، أنت الأسطورة بحد ذاتها، بثقافتك الغنية ورؤيتك الحضارية وبأخلاقك النبيلة ومواقفك المشرفة، بعباراتك التي تخلق مشاهد درامية وحوارات فكرية خارقة وعميقة بمعانيها".