لا شك ان المعظم يعلم فوائد شهر رمضان الدينيّة ودورها في تقريب الإنسان المؤمن، المسلم إلى الله تعالى لنيل محبته ورضاه وغفرانه، ولكن القليل منّا يشيد بفوائده التربويّة التي يمنحها هذا الشهر الفضيل للإنسان وهي عديدة، منها دور ان الانسان بفضل الصوم لتعلم أهمية الوحدة والاجتماع وعدم التفرقة بين البشر بمختلف طبقاتهم، أهمية التعاون والتعاضد بين افراد الاسرة، التي تعمل معا لتجهيز وجبة الإفطار وتجتمع كل يوم على مائدة واحدة، وان الصيام يساعد المسلم على التحّلي بصفة القوة والصبر على تحمل المشاق والعباء والعطش والجوع بعيدًا, كل البعد عن التذمر والضجر ومظاهر العنف ، لكن وللأسف يلاحظ عند البعض ارتفاع ملموس للعنف خلال شهر رمضان وأصبح يشكل ظاهرة، خاصة ما يحدث بالأسواق وبالطرقات مع اقتراب موعد الإفطار، حيث أن العنف يصبح مبررا تحت يافطة الصوم؛ للأسف البعض يبرر هذا السلوك لأسباب فيزيولوجيه حيث ان الصائم يحدث لدى البعض انخفاض في منسوب السكر في الدم، الشيء الذي يخلق نوعا من التوتر والذي يؤدي بدوره إلى العنف. وانا أقول هذا يناقض شعيرة الصيام وما يُحتمه علينا من تهذيب الاخلاق وضبْط النفس… وشتان بين هذا وتلك السلوكيات المنفلتة؟
فالصيام ليس الهدف منه هو الجوع والعطش وإنما هو تهذيب للنفس والسموّ بها إلى عالم الروحانيات والابتعاد عن كل أنواع العنف… هذا التناقض يمكن كذلك ملاحظته على مستوى الإنفاق في هذا الشهر، فكيف يُعقل أن يكون شهر الصيام هو نفسه الشهر الذي نَصرف ونُسرف فيه أكثر؟ ام تحول الصيام عند البعض، من ممارسة دينية إلى ممارسة طقوسية اجتماعية!
وفي الختام يجب علينا ان نتفكر مجددا في فضائل هذا الشهر الكريم ونستغله لإعادة حساب طريقنا ولتهذيب أنفسنا وكما قال الشاعر:
ما صام من لم يرع حقّ مجاور وأخوّة وقرابة وصحاب
ما صام من أكل اللحوم بِغيبة أو قال شرا أو سعى لخراب
ما صام من أدّى شهادة كاذب وأخلّ بالأخلاق والآداب
الصوم مدرسة التعفّف والتقى وتقارب البعداء والأغراب
عين رافا - قضاء القدس
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com