غافلنا وغادر عالمنا في الأردن، الكاتب والاديب والمناضل الفلسطيني المقيم في سورية، صاحب القلم الحر والموقف الوطني والسياسي والفكري الصلب، الصديق والرفيق عبد اللـه حرب أبو شبيب، المعروف باسمه الحركي محمد عادل (أبو عادل)، إثر جلطة دماغية داهمته قبل حوالي الشهرين، تاركًا إرثًا أدبيًا هائلًا، وسيرة نضالية وثورية وثقافية مشرقة وساطعة.
جاء محمد عادل من البادية وشمس الصحراء، من النقب الفلسطيني، لم تصبغه المدن والأماكن بألوانها، ولم تطفئ بريق عينيه بأضوائها، وبقي كما هو دون زيف.
محمد عادل كاتب سياسي فلسطيني بارع وقصصي بارز، عرفناه على امتداد حياته بكتاباته الأدبية ذات الملمح الفلسطيني قلبًا وقالبًا، ومواقفه الوطنية المبدئية الجذرية التي لا تقبل المساومة، والتزامه حتى النخاع بقضايا شعبه وأمته، والتصاقه بالهموم الفلسطينية والإنسانية العامة.
شق الراحل محمد عادل دربه متمكنًا من أدواته الفنية الإبداعية وتنوع أساليبه السردية وموضوعاته، ولم يكن كاتبًا مبدعًا فحسب، بل كان مناضلًا ومثقفًا ثوريًا وعضويًا مشتبكًا، ارتبطت كتاباته بالهم والوجع الفلسطيني وبالقضية الوطنية المقدسة التي كرس حياته في الدفاع والذود عنها. عمل في الصحافة الفلسطينية، وأشغل عضو الأمانة العامة لاتحاد الكتاب الفلسطينيين في الخارج.
ترك محمد عادل وراءه مجموعتين قصصيتين وهما "إلى متى تحلق فوق الحدود" و"مفاتيح على شبابيك القلوب"، إضافة لكتابيه "أحمد الشقيري حارس للقضية في حضوره وغيابه" و"النفط العربي والاستراتيجية الأمريكية".
وفي مجمل كتاباته يرسم محمد عادل الوطن وجراحاته وعذاباته، ويصور الشوق والحنين الفلسطيني لمدن الوطن ومخيماته، وشوقه لعناق عروس الكرمل حيفا، ويجسد معاناة الإنسان الفلسطيني في خيام البؤس والشقاء والجوع والتشرد، ويحس القارئ لقصصه وكتاباته السردية والنثرية بنغمات الحزن ومكابدة الألم والوجع الفلسطيني والإنساني.
محمد عادل الإنسان الطيب المتواضع الدمث النقي، والصوت القصصي الجميل في سمفونية الإبداع الثوري، وصاحب الكلمة الملتزمة الحقيقية، والموقف الوطني الأصيل الذي لم يتبدل يومًا، رحل وترك حزنًا في الوطن وفي أعماق رفاقه وممن بقى من مجايليه وأصدقائه وأحبائه في الوطن الباقي والمهجر والمنفى القسري، الذين سارعوا إلى رثائه وتأبينه، فقالت الكاتبة زهرة الكوسى: "في أحلك الظروف وأقساها ترحل! لم اعهدك إلا فارسًا، وصاحب المواقف الصلبة، كيف رحلت؟ المناضل العنيد، والأديب الفاره، المعروف باسم: محمد عادل، وداعًا، لن يملًا فراغك أحد، ولن استمع لرأي بعدك، أبدًا يا غالي".
وقال الكاتب الفلسطيني المعروف حسن حميد: "أيّ علقم يملأ لهاتي.. وأيّ ألم وجيع يلفّني..؟ وأيّ خبر ثقيل يحطّ عليّ.. لقد رحل عاشق فلسطين الحبيبة.. الأديب والمناضل محمد عادل.. آخر كلماته كانت، وقبل صمته المطلق فلسطين/ فلسطين ..هي وصيّة العشّاق. يا حبيبي، لك الجنة".
أما الشاعر والأديب الفلسطيني والأمين العام للاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين مراد السوداني، فكتب قائلًا:" محمد عادل ضمير كتابا وأدبائنا الذي ظل على عهد فلسطين والشام حتى اللحظات الأخيرة، غادرنا العم أبو عادل وكأنه يريد الزحف أقرب نحو الاغوار ليعبر فلسطين. أبو عادل الأصيل والنقي، نفتقدك يا صاحبي، فنم قرير العين أيها الربذي تطل من على ربوة على فلسطين. على روحك الرحمة الواسعة، سلام أيها النبيل الوفي".
وكتب الشاعر سلطان مي: "داعًا أيها الحالم.. لروحك السكينة والسلام ___________________________________الصخور لها وحدها أن تكون كما تشاء.. الصخور لا تَستَغِثْ. وحدها تلوِ عُنقَ المياه وغطرسة الضوء.
لصخرةٍ شامخةٍ في ظلام هذه الحقبة الزمنيّة العابرة، للفحل الفلسطيني الذي وقف كالمدى على صفحةٍ معلقة من عنقها ليكتب بالندى والحلم والدم عن فلسطين.. وداعًا يا حبيب".
وقال الكاتب والباحث الفلسطيني جواد صالح: "كان صوتًا بصمته الدائم، عمل بصمت، ورحل بصمت ، ذلك الفتى الاسمر ...يظل بقاءك حاضرًا، وقيمتك الوطنية خالدة، مساؤك وطن ورحيل، وصهيل وحنين ، صارخ على حاضرنا، يمسك بالثوابت : يغافلنا ويسبقنا إلى الغياب ، فإلى روحك ألف سلام ولذكراك الخلود ، ايها الحبيب الوفي الأبي الأحب محمد عادل".
محمد عادل يا صديقنا ورفيقنا الغالي، كم أحبتكَ الجموع، وكم أدمعت العيون على فراقك يا سيد الكلمة والموقف، فيا لوجع وحزن الوطن والبلاد، يا عاشق البلاد.
رحمك اللـه وستبقى خالدًا مخلدًا في صفحات النضال وأسفار الأدب والثقافة وذاكرة الشعب والوطن، ومن مثلك لا يموت أبدًا.