مضى عشرون عامًا على التجربة القاسية الصعبة والمريرة التي عاشتها مدينة بيت لحم وسائر البلدات والمحافظات الفلسطينية وفصائل المقاومة، بحصار كنيسة المهد خلال عملية الدرع الوقي والانتفاضة الشعبية الفلسطينية الثانية، ويبدو أننا نشهد أوضاعًا أشد وأكثر صعوبة في ظل الاجتياحات الإسرائيلية المتزايدة للقرى والمخيمات الفلسطيني، واعتقال واغتيال الشباب الفلسطيني، الذين يقاومون ويواجهون سلطات الاحتلال وعصابات المستوطنين، في ظل سلطة ضعيفة وهشة ما زالت تؤمن بالمفاوضات السياسية طريقًا وتتشبث باتفاق أوسلو المشؤوم، الذي لم يحقق أي شيء سوى التوغل الاستيطاني وتعمق الانقسام بين شطري الوطن.
لقد تم تحرير الكنيسة وإنهاء حصار المقاتلين والمقاومين بعد أربعين يومًا بفعل المفاوضات التي جرت مع المؤسسة الاحتلالية من قبل المنظمات الدولية والاتحاد الأوروبي والسلطة الفلسطينية، ولكن الثمن لم يكن رخيصًا، بل غاليًا، حيث سقط عدد من الشهداء، وبينما استطاع عدد من الفلسطينيين العودة إلى ديارهم، تم ابعاد الكثيرين إلى قطاع غزة والمنافي في الدول الأوروبية.
وبعد انتهاء حصار كنيسة المهد، وجد الفلسطينيون الذين يقطنون مدينة بيت لحم أنفسهم وقد حاصرهم الاحتلال بجدار فاصل يقطع أوصال مينتهم عن القدس الشريف، فأربكهم هذا الوضع الجديد الذي طرأ عليهم وعلى مدينتهم، ولكنهم تعايشوا معه، وبعد عشرين عامًا لم يتغير أي شيء، وبيت لحم أصبحت تشبه سجنًا في الهواء الطلق، والجرح لا زال نازفًا والمعاناة مستمرة ومتواصلة حتى الآن، والاحتلال يوغل في مسيرة الدم ويصعد من عمليات القتل والاغتيال والتصفيات الجسدية لشباب المقاومة، وهذه السياسة الاحتلالية تشكل تهديدًا وتحديًا صارخًا للشرعية والقرارات الدولية والقانون الدولي، ومقابل ذلك هنالك غليان في الشارع الجماهيري الفلسطيني، وتتصاعد المقاومة الشعبية لمجابهة التغول الصهيوني الإجرامي.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com