تبادل المواد
رأي: لمحاربة أزمة المناخ، علينا التوقف عن استخدام المواد التي تزيد من تفاقم الأزمة. هنالك مواد أخرى يمكنها المساهمة في خلق بيئة أفضل علينا أن نعزز من استخدامها وتطويرها في البلاد
چدعون بخر، زاڤيت
"نحن نعيش في عالم مادي وأنا فتاة مادية"، غنت مدونا في الثمانيات، بالرغم من أن ادواتها المفضلة كانت مصنوعة من الذهب والالماس، بدون شك أن هناك حقيقة معينة بما ذكرته في أغنيتها بأن عالمنا هو عالم المواد الخامة، هكذا أيضًا أزمة المناخ هو في غالبيته عبارة عن قضية المواد والموارد.
المواد الخام التي نستخرج منها طاقة من أجل المواصلات، التدفئة، التكييف والصناعة، كالفحم، النفط والغاز. مواد التي نستخدمها للبناء كالأسمنت، خرسانة والحديد، أو في الصناعة كالبلاستيك والخشب. أو حتى مواد غذائية نأكل منها كلحوم الأبقار.
مواد خامة مختلفة يمكنها أن تؤدي إلى تفاقم أزمة المناخ أو على العكس ممكن أن تقلص من تبعيًات أزمة المناخ.
نحن على يقين بأن المواد الخامة المضرة للبيئة التي نستخدمها كالفحم، الغاز والنفط تؤدي إلى تفاقم أزمة المناخ، من أجل ذلك من المهم أن يتم استبدالها بمصادر طاقة بديلة. نحن نتفهم الواقع بأن أزمة المناخ مرتبطة حتى بالغذاء المتواجد على المائدة، والثورة في هذا السياق قد بدأت، البراعم الأولى قد نضجت في بدائل بروتين الحيوان التي سيتم إنتاجها بشكل أوسع.
لكن، هنالك عدة مجالات اساسية تحتاج إلى جهد أكبر وأوسع من أجل تقليص الضرر الناجم من بعض المواد الخامة للبيئة والالتزام باتفاقية باريس التي تهدف إلى احتواء الاحترار العالمي (الاحتباس الحراري) لأقل من 2 درجات وسيسعى لحده في 1.5 درجة.
المادتين الأساسيتين في هذا الخصوص هم الاسمنت والفولاذ، وفق ما ذُكر في كتاب بيل غيتس بعنوان "كيف نتجنب كارثة مناخية"، ان إنتاج الاسمنت والفولاذ يؤدي إلى إنبعاث ثلث غازات الاحتباس الحراري في العالم.
هذا ومن المتوقع أن يتم إنتاج من هذه المواد الخامة كميات أكبر خلال العقود القادمة.
من دواعي السرور، الاعتراف بأهمية هاتين المادتين وتأثيراتهما على الأزمة المناخية التي أصبحت تسود بشكل أكبر في ألعالم.
مثال على ذلك، الحاجة في الانتقال إلى إنتاج فولاذ منخفض الكربون جاء ضمن اعمال مؤتمر المناخ العالمي الذي عُقد في شهر نوفمبر الاخير في غلاسكو، الذي من خلاله التزمت عشرات الدول ومن ضمنها إسرائيل بإنتاج فولاذ بدون إنبعاثات ضارة.
أيضًا في السوق الخاص هنالك شركات تسعى إلى تطوير اسمنت يسبب أقل أضرار من خلال دمج ثاني اكسيد الكربون في إنتاجه. بهذه الطريقة نضمن بيئة آمنة لعقود طويلة قادمة.
مع تطور التكنولوجيات في مجال استخلاص الكربون بطريقة مباشرة من الغلاف الجوي الذي يمكن من خلاله استخلاص كميات كبيرة جدًا من الكربون واعتدال تفاقم الازمة المناخية.
بالإضافة لتقليص الضرر الناجم عن بعض المواد الخامة، هنالك مواد أخرى يمكن ان نستخدمها في الاستعداد للاضرار المتوقعة من أزمة المناخ. على سبيل المثال هنالك بعض الأصباغ والالوان التي تساعد على تقليص الضرر الناجم عن انعكاس اشعة الشمس على المباني والأحياء، حيث تمكن هذه الاصباغ الحفاظ على مساحة باردة في ظل ارتفاع درجات الحرارة عالميًا.
في يومنا هذا يتم تطوير عدة أصباغ باستطاعتها إعادة حتى 90% من اشعة الشمس وبعضهم قد يصل إلى 98% من الاشعة التي تضرب المباني والاحياء.
مثل هذه الاصباغ التي يتم تطوريها ستساهم بشكل كبير في تقليص الحاجة لتبريد وتكييف المباني وبالتالي الحد من انبعاث غازات الاحتباس الحراري بالإضافة إلى التوفير الاقتصادي باستخدام اقل للمكيفات.
في ولاية لوس انجلس، تم طلاء الشوارع من الاسفلت والارصفة بهذه الصبغات التي ادت إلى تبريد الشوارع والمدينة بشكل كبير لتصل درجة الحرارة بين 5.5 حتى 8.3 درجة.
مواد خام أخرى من الضروري استخدامها من أجل مواجهة أزمة الإقليم في إسرائيل والتي من شأنها ان تقلل من الفيضانات في العديد من المدن في اسرائيل بسبب الاسمنت والأسفلت التي تغطي مساحة واسعة، هذه المواد المتاحة في يومنا هذا كالأرضيات المثقبة والاسمنت الممتص للماء والاسفلت المثقب وغيرهم من المواد البديلة للإسفلت والاسمنت التي تساعد على امتصاص مياه الامطار ويمكن استخدامها في الشوارع والارصفة والمصالح التجارية بهدف التقليل من المياه التي تخلفها الامطار في فصل الشتاء في الشوارع والممرات العامة.
بالإضافة الى ذلك فإن استخدام هذه المواد تؤدي إلى جمع مياه صالحة للشرب بكميات أكبر من خلال تخزين مياه الامطار التي تتراكم في مكانها المخصص لذلك وبالتالي الحد من تحلية المياه بهدف تقليص الانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بالإضافة إلى التوفير الاقتصادي.
لنكن قادة عالميين
إذا أردنا أن نستخدم المواد الخامة لمصلحتنا، علينا أن نُقر بأهميتها، علينا إتباع نظام مُعين بالاستخدام الصحيح لمواد تساهم في إعتدال الأزمة المناخية وليس العكس.
من المهم ذكره انه مع تفاقم ازمة الاقليم في العالم سيكون معاهدات عالمية والإلتزام في استخدام مواد صديقة للبيئة التي تساعد في حل هذه الأزمة، في اسرائيل يجب رفع مستوى الوعي والبدء في الخطوات المطلوبة.
بالإضافة إلى ذلك، التغييرات في موضوع المواد خلال الأزمة الاقليمية يمنح اسرائيل فرص مهمة لابتكارات قوية وجديدة في هذا المجال، نحن في الوزارة الخارجية ندفع بهذه القضية الى الامام بطريقة منهجية من خلال الدبلوماسيين الإسرائيليين.
حيث نعمل على طرح حلول عملية اسرائيلية تساهم في حل الأزمة المناخية العالمية.
في حال وجد في اسرائيل مصنع لتصنيع اسمنت ثاني اكسيد الكربون سيُمنح افضلية عن باقي مصانع الاسفلت المنافسة في العالم وذلك وفق قرار مؤتمر غلاسكو.
من المهم جدًا ان نعير انتباهًا لقضية المواد الخامة في ظل التغييرات المناخية لنتقدم ولربما لقيادة العالم في هذا المجال لمكان أفضل وبيئة أفضل.
السفير چدعون بخر هو سفير خاص للقضايا البيئية وأزمة المناخ- في وزارة الخارجية
هذه المقال اعدت على يد زاڤيت - وكالة أنباء الجمعية الإسرائيلية لعلوم البيئة والمناخ.
(هذه المقالة اعدت على يد زاڤيت - وكالة أنباء الجمعية الإسرائيلية لعلوم البيئة والمناخ).