نقلت كالة الأنباء الرسمية الإيرانية "إرنا" الأسبوع الماضي أن الحرس الثوري "أوقف شبكة كانت تعتزم القيام بعملية تخريب في منشأة فوردو النووية"، من دون تقديم تفاصيل عن عدد العناصر الذين تم توقيفهم أو حتى ايفاد الرأي العام باعترافات حصرية للمتورطين في هذه الحادثة التي تزعم ايران أنها احبطتها نتيجة اليقظة والمتابعة الدقيقة لشخصيات متواطئة مع العدو الإسرائيلي، وبالتزامن مع هذا الحادث شهدت مدينة أربيل العراقية، لهجوما صاروخيا بـ12 صاروخا باليستيا، تلاه اصادر الحرس الثوري بيانا على موقعه الإلكتروني "سباه نيوز"، جاء فيه أن الهجمات الصاروخية على أربيل في إقليم كردستان (شمال)، استهدفت مركزا استراتيجيا إسرائيليا، يستخدم للإضرار بإيران والتآمر عليها، ونفت ان يكون هذا ردا عن استشهاد ضابطين إيرانيين في غارة إسرائيلية على جنوب دمشق.
في خضم ما يجري في أوكرانيا، تريد إيران اغتنام الفرصة وخلق بعض من التوتر في منطقة الشرق الأوسط، وإيصال رسائل قوية لإسرائيل ودول الخليج والولايات المتحدة الأمريكية مفادها ان إيران باستطاعتها زعزعة الاستقرار الأمني للمنطقة و تحويل الأنظار من أوكرانيا الى منطقة الشرق الاوسط، وهي تعلم تماما أن الولايات المتحدة معنية بخفض التوتر في هذا الوقت الحساس الذي تشهد فيه أسواق الطاقة منحنا تصاعديا ليس من مصلحة الدول العظمى أن يستمر، وهو ما يستدعي بقاء الأمور على حالها وعدم الانسياق لحيلة إيران التي ترمي رفع نسق التصعيد مع إسرائيل خاصة وانها تريد إعاقة الاتفاق النووي.
ولتؤكد إيران انها تريد استمرار التوتر في المنطقة راحت لتعلن تعليق المحادثات مع السعودية قبل يومين من انعقاد جولة جديدة من المفاوضات، وهي رسالة بنفس المضامين التي أرسلتها الى إسرائيل ملمحة الى ما يمكن ان يحدث في حال ما فشل الاتفاق النووي، كما ان استهداف أربيل هو ليس فقط رسالة للأمريكان بقدر ماهو نتبيه لبغداد بالتزامن مع اختيار رئيس جديد للعراق بان التفكير في مس مصالح إيران في العراق سيفتح على النظام العراقي باب جهنم.
تلعب روسيا على الحبلين في علاقتها مع إيران، وتضع الاتفاق النووي الإيراني في ميزان المقايضة مع الغرب، حبث أدخلت المفاوضات النووية أصعب مراحلها بعد مطالباتها بضرورة إعفائها من العقوبات شأنها شأن أي دولة أخرى مشاركة في تلك المفاوضات، في حال التوصل لاتفاق مع طهران، يعيد إحياء الاتفاق السابق الذي وقع عام 2015 مع الدول الكبرى. وهذا ما يستفز الإيرانيين الذين أصبحوا يشعرون أن الأمور تسير وفق المصالح الروسية وليس وفق المصالح المشتركة، ولكنهم غير قادرون على اظهار انزعاجهم من روسيا التي تراوغ وتتظاهر بأن الاتفاق النووي في خطواته الأخيرة.
إيران أيضا تلعب على الحبلين فهي ليست قادرة على أن تدير ظهرها للروس لأنهم حليف استراتيجي وشريك في المصالح داخل سوريا، وفي نفس الوقت ليست مستعدة أن تضيع فرصة الاستفادة من حاجة الغرب لنفطها، ويتضح الان ان الولايات المتحدة تمهد لإنهاء موضوع الاتفاق النووي مجبرة لأن الظروف التي فرضتها أوضاع السوق العالمية للنفط ورفض دول الخليج لرفع الإنتاج تستدعي التحالف حتى مع الشيطان لانقاد ما يمكن انقاده من شعبية بايدن والقادة الاوروبيين، ولكن لإسرائيل رأي مخالف للغرب وقد تكرر مهاجمة ايران مجددا ولكن وبضربات دقيقة في عقر مفاعلاتها النووية، هذا بإمكانه أن يفسد طبخة الغرب في استمالة ايران خدمة لمصالحه الاقتصادية.
ربما ستدير أمريكا ظهرها لإسرائيل مؤقتا لأنها مجبرة نحو المضي قدما لاتفاق نووي مع إيران، ولكنها ستجعل الوضع في الشرق الأوسط فوق فوهة بركان، خاصة وان إسرائيل مجبرة على فتح جبهة لاستعراض عضلاتها امام إيران، ولكن السؤال المطروح: هل ستهاجم إسرائيل إيران مباشرة ام ستستهدف حلفاءها في المنطقة؟
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com