بعد تخرجي من دراسة الطب مباشرة، بدأت تخصصي في أحد المستشفيات في شمال البلاد. في أحد الأيام، خلال إحدى الورديات، تم إدخال طفلة تبلغ من العمر 9 أشهر إلى طوارئ الأطفال حيث كانت تعاني من ارتفاع في درجة الحرارة وطفح جلدي يشبه نزيف الدم. هذه الاعراض استدعت انتباه الطاقم الطبي الذي بدأ بسلسلة من الفحوصات والاستفسارات ، والتي ادت في نهاية المطاف الى اكتشاف وجود جرثومة تعد من أكثر أنواع الجراثيم خطراً، وهي بكتيريا المكورات السحائية (منينجوكوك) ، والتي يكون خطرها عنيفًا جدا على جميع الأعمار، ولكن شيوعها بين الأطفال حتى جيل سنتين أعلى بـ 10 مرات من الفئات العمرية الأخرى . تعتبر هذه الجرثومة احد المسببات الرئيسية لالتهاب غشاء المخ او السحايا .
د. خزيمة خمايسي أبو سبيه
بعد أيام قليلة تحسنت حالة الطفلة ، انخفضت درجة حرارة جسمها، و حتى أنها بدأت في الأكل والشرب.
صحيح أنه تم إنقاذ الطفلة الصغيرة التي شاركتُ في علاجها، من خطر الموت نتيجة اليقظة وسرعة العلاج، لكن لسوء الحظ، أدركنا لاحقًا أن الطفلة الرضيعة لا تستجيب للأصوات، وبعد الفحص، تم التاكد بانها تعاني من انخفاض ملحوظ في السمع في كلتا الأذنين.
للأسف، يعتبر الضرر في الجهاز السمعي من احد المضاعفات عند الأطفال الذين تهاجمهم البكتيريا. غالبًا ما يتعين على الأطفال الذين تمكنوا من النجاة من الجرثومة التعامل مع مضاعفات مختلفة، مثل: ضرر في الدماغ، الصمم، تأخر النمو، الضعف الإدراكي، الشلل، نوبات الصرع، وأحيانًا الاضطرابات النفسية.
صحة أطفالنا مهمة جدا بالنسبة لنا، ولا أحد منا على استعداد للمخاطرة بها، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتعرض للعواقب والأبعاد الوخيمة التي يمكن أن تسببها البكتيريا، على المدى القصير والطويل. .
لحسن الحظ، هنالك لقاح فعال ضد بكتيريا المكورات السحائية من النوع B، وقد أثبتت سلامة وفاعلية هذا اللقاح منذ فترة طويلة في العالم. التفكير الجاد بخطر البكتيريا وعواقب تغلغلها في أجساد أطفالنا قد ضيَّق مجال المناورة أمامنا، وقدم لنا خيارًا واحدًا ووحيدًا - تطعيم الأطفال دون أي تردد.
لذا ، ايها الآباء والامهات ان كان لديكم اطفالا حتى سن الثانية، يرجى الاتصال بطبيب الأطفال أو طبيب العائلة ، للاستشارة بشأن تطعيم طفلكم ضد جرثومة المكورات السحائية من نوع B.
* د. خزيمة خمايسي أبو سبيه - أخصائية الأمراض المعدية