يقولون الرجال مواقف. والمقصود هنا مواقف في جميع المجالات سياسية واجتماعية. وما يهمنا هنا المواقف السياسية ما دمنا في الحديث عن "الكنيست" و "القائمة الموحدة". مواقف الرجولة والشهامة تظهر في الوقوف إلى جانب الشعب. لكن إذا كانت المواقف ضد إرادة المواطن، فأقل ما يقال فيها انها مواقف جبانة متخاذلة، وبالتأكيد تكون غالباً مدفوعة الثمن بمواقف من الطرف الآخر.
منذ قيام زعيم "القائمة العربية الموحدة" منصور عباس بالانحراف وتغيير اتجاه البوصلة واتخاذ موقف إلى جانب اليمين والانخراط في سياسته في عهد نتنياهو وإدارة ظهره للإجماع العربي، أظهر عباس الرجل الأول في "الحركة الإسلامية الجنوبية "نواياه الحقيقية ووجه الفعلي سياسياً، لدرجة انه قالها بصريح العبارة ان نهجه هو الواقعي. وعندما تخلى عنه نتنياهو راح يبحث عن فتات ومواقع لدى الطرف الآخر من اليمين وهو بينيت وشلته.
الواضح من سلوكيات منصور عباس أنه وضع نهجاً جديداً بالتعاون مع اليمين أو بالأحرى "بالتواطؤ" مع اليمين على حساب المواطن العربي مقابل وعود. بعد تشكيل الإئتلاف الذي هو أشبه بـ" بوظة مشكلة" في مذاقات متعددة، أو أشبه بـ "الشوريا الروسية" المعروفة بـ "سوليانكا" كونها تتكون من ستة عناصر، أي مثل تشكيلة الائتلاف الحاكم، وافق عباس على تمديد قانون منع لم الشمل السيء الصيت، كون هذا القانون يحول دون جمع عائلات فلسطينية. وكانت وزيرة الداخلية زميلة عباس في الائتلاف قد أصرت على تنفيذ القانون ووافق عليه عباس. وصمة عار.
مجدداً يعود إلينا منصور عباس بتصرف مخزي جديد على الصعيد السياسي. ففي القراءة الأولى لاقتراح قانون برفع مخصصات التقاعد لجنرالات جيش الاحتلال والجنود المقاتلين والذي تقدم به وزير الدفاع بيني غانتس. تم تمرير هذا الإقتراح في الهيئة العامة للكنيست حيث صوت معه نائباً٥٧ وضده ٥٦ نائباً.
الأمر المخزي حقاً، أن اقتراح القانون قد مر وتمت الموافقة عليه بأصوات العرب الجيدين في الإئتلاف الحاكم ، وهم منصور عباس ووليد وطه وإيمان ياسين التي حسمت التصويت في اللحظة الاخيرة، كما وامتنع النائب غنايم عن التصويت وهو ما ساهم في تمرير القانون الذي مرّ بفرق صوت واحد فقط.
مازن غنايم أراد أن يظهر نفسه بمظهر المعارض لكنه لم يعارض بل امتنع وهذه اللعبة من السخنيني مازن لا تنطلي على أحد وكل شيء مرتب مع "جوكر الموحدة" منصور عباس. وما دام الإمتناع لا يضر الائتلاف فلا مانع من أن "يمانع" غنايم ولكن غير مسموح له بالتصويت ضد، ولذلك مر القانون. وصمة عار جديدة على جبين الموحدة.
والسؤال المطروح: لماذا يوافق عباس وشلته على هذا القانون رغم معرفتهم التامة بأن جنرالات دولة قانون القومية التي يدافع عنها عباس، هم من يقومون بقمع شعبنا والتنكيل به، وهم الذين يمارسون كافة أنواع الممارسات اللاإنسانية ضد شعبنا.
من المؤكد أن موافقة عباس لها حسابات سياسية، ولن تكون مجانية خصوصاً أن زيادة المخصصات لا إيجابيات لها على صعيد المجتمع العربي بل بالعكس من ذلك تعود بسلبيات كثيرة تمس المواطن العربي سياسياً واقتصادياً. "يا ريت يعطينا منصور عباس أي مبرر للموافقة". ماذا سيقول لناخبيه، وبأي عين سيواجههم. ولكن "إذا لم تستح فافعل ما تشاء"
صحيح أني لا أشارك في انتخابات الكنيست، ولي أيضاً انتقادات على بعض التصرقات السياسية لرئيس القائمة المشتركة أيمن عودة، لكني أجد واقعية في مضمون بيان المشتركة الأخير حول موافقة "الموحدة" على اقتراح قانون رفع مخصصان الجنرالات والجنود.
وأخيراً، فإن الموافقة على اقتراح غانتس، يعني تعزيز جنود الاحتلال الذين يقومون باستمرار بتضييق الخناق على شعبنا الفلسطيني ويقومون بحماية المستوطنين في جرائمهم وفي انتهاكاتهم للأقصى ولأماكن دينية أخرى.
إخجلوا من أنفسكم وتراجعوا عن دعم القانون، إذا كان في عروقكم دم فلسطيني، وإذا كانت لديكم كرامة وطنية.