من أجمل وأثمن النعم التي منّ الله سبحانه وتعالى بها علينا، الروح والنفس، فمن حقها أن تبقى محفوظة من أي أذى ليبقى ما فيها حافزا للحياة والانطلاق.
للأسف الشديد في الآونة الأخيرة، أضحت الروح رخيصة، منهكة ومفتتة، ما الذي يحدث، وما هي الأسباب التي أدت الى ازدياد العنف وتفشيه بصوره قاتله ومدمرة؟
أولا: لقد فقدنا وحدة العائلة وتكاتفها، تعاونها ومشاطرتها الافراح والاحزان، أمسينا أصدقاء الشاشات والهواتف، والعلاقات الافتراضية المزيفة، التي تغذي روحنا الهشة، بنيت من بعيد من دون رصيد حب أو حنان.
ثانيا: لقمة العيش وغلاء المعيشة، ومتطلبات الحياة أصبحت أكثر كلفة، مما أدى بالوالدين إلى التجند لساعات طويلة خارج البيت لتأمين الزاد ومتطلبات الحياة، الأمر الذي قلّص ساعات تواجدهم مع أبنائهم وعدم الإغداق في التربية ونثر الحب.
ثالثا: اتبعنا الماركات والمظاهر ونسينا المضمون والجوهر، أسرع طريقه للتغلب على الجوع العاطفي، التشبث بالماديات وشراء الأشياء يشعركم بالامتلاء للحظات فانية، ليعود وينهش بجوارحكم من جديد ويكون أشد تأثيرا وفتكا.
رابعا: عدم الاستقلالية، وتقليد الاخر دون تفكير أو روية، والتواصل العميق مع احتياجاتنا الخاصة، الأمر الذي أنشأ منّا نسخا مكررة نشبه بعضنا في الشكل والمضمون. ونسينا أنّ أعظم استثمار ممكن أن تزود به نفسك والأخر هو الاستقلالية وبناء كيان مستقل ومؤثر.
خامسا: الأنانية والنرجسية، التي أمست مرض العصر. حب الذات مطلوب ومهم جدا لأحب الاخر، أما النرجسية فنحن صنعناها، اما بإهمالنا المفرط لأولادنا وعدم الاعتناء بهم كما يجب وتجاهل احتياجاتهم أو بإغداقنا غير المحسوب بالعطاء والافراط في الدلال. ففي كلتا الحالتين قد ولّدنا ضحايا. فأحسنوا التربية حماكم الله.