لم تخطئ أم الأسير ناصر أبو حميد حين استغاثت برجال المقاومة في غزة، وبالتحديد حين صرخت: واضيفاه، أولادي الأربعة في السجون، لا أمل لهم بالحرية إلا من خلال صفقة تبادل أسرى، تفرضها المقاومة الفلسطينية على الأعداء الإسرائيليين، فقد أدركت الأم بالغريزة، وبفطرتها الإنسانية، وبعشقها للوطن فلسطين، أن العنوان الصحيح لحرية أبنائها، والملاذ الآمن لمستقبل شعبها، هي المقاومة الفلسطينية التي عشقها الأسرى.
نداء الاستغاثة برجال غزة الصادر عن أم الأسير ناصر أبو حميد لا يهدف إلى التقليل من شأن قيادة منظمة التحرير، واتهامها بالعجز والفتور فقط، نداء الاستغاثة يهدف إلى تحذير المقاومة من الانحدار في طريق التقارب مع العاجزين، فالأم الفلسطينية التي بايعت المقاومة، وأسندت ظهرها إلى حائط الأمل، تمثل المزاج العام الفلسطيني، الذي نفض يده من قيادة منظمة التحرير، وألقى بأحماله على ظهر غزة ومقاومتها، وهذا الاعتماد على قيادة غزة، لا يقف عند حدود تحرير الأسرى، وإنما يتجاوز التكليف الشعبي ذلك للدفاع عن المقدسات، والتصدي للمستوطنين الصهاينة، ومواجهة العدوان.
لقد وثق الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة والشتات برجال المقاومة، ونادوا عليهم بأسمائهم في مسيرات الضفة الغربية، وهذا ما أدركته فدوى البرغوثي زوجة الأسير مروان البرغوثي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، حين التقت مع قيادة حركة حماس، وطالبتهم بإدراج اسم زوجها ضمن صفقة تبادل الأسرى، وهذا ما توصلت إليه أم الأسير الفتحاوي ناصر أبو حميد، وهي تعلن عن ثقتها بالنهج الذي شقه رجال غزة، وفي الوقت نفسه تعلن عن كفرها بنهج التنسيق والتعاون الأمني، ولاسيما بعد أن تكرم عليها وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ، وأعلن بكل فخر عن موافقة إدارة السجون الإسرائيلية على زيارة استثنائية لابنها الأسير.
استغاثة ذوي الأسرى بالمقاومة رسالة سياسية إلى قيادة قيادة حماس، رسالة تتجاوز الاستغاثة الشخصية إلى مناشدة وطنية، تقول: لقد نفضنا نحن الشعب الفلسطيني يدنا من قيادة منظمة التحرير، ووصلنا إلى حائط الصد مع هذه القيادة العاجزة، لذلك نتوجه إليكم أنتم يا قيادة المقاومة، لا من أجل الإفراج عن أبنائنا فقط، وإنما من أجل تحقيق الهدف الذي من أجله قدم أبناؤنا حياتهم وأرواحهم وأنفسهم رخيصة، ولا يتحقق ذلك إلا بالتزامكم بالشروط التالية، كقاعدة الانطلاق نحو مستقبل سياسي فلسطيني نقي من الشوائب والدسائس:
الشرط الأول: وأنتم الأغلى، إياكم والموافقة على شروط المصالحة التي وضعها في طريق الوحدة الوطنية محمود عباس، وليكن شرطكم الأول لأي لقاء مع قيادة منظمة التحرير؛ وقف التنسيق والتعاون الأمني وقفاً تاماً وكلياً، فلا تلتقي المعصية والتقوى على سجادة الصلاة.
الشرط الثاني: سحب الاعتراف بدولة اسمها "إسرائيل" فالاعتراف بهذه الدولة بحد ذاته اعتراف بعدم شرعية المقاومة، وعدم شرعية الوجود الفلسطيني فوق أرضه، فلا مصالحة بين من يدافع عن وطنه، وبين من يعترف لعدوه بحق العيش والتوسع فوق تراب وطنه.
الشرط الثالث: قبل أي لقاء أو مشاورات مع أي طرف عربي يسعى للمصالحة، لا بد من تحديد ساعة الصفر لانتخابات مجلس وطني فلسطيني، يسفر عن مجلس مركزي منتخب، وعن لجنة تنفيذية، تمثل القيادة العليا للشعب الفلسطيني، والقادرة على بناء مؤسسات منظمة التحرير.
تلك الشروط التي أجمع عليها الشعب الفلسطيني، وعبرت عنها مجمل استطلاعات الرأي، هي الغطاء الدافئ الذي يرم عظم المقاومة من برد المؤامرات، فإذا تعرت المقاومة من حق تمثيل الشعب الفلسطيني بأعلى هيئة قيادية، تكون قد وقعت في براثن الوعود الكاذبة، وانزلقت إلى المجهول، وهي تتزحلق على جليد الانتظار!
ملحوظة: قال الخبراء الدوليون عن غزة قبل عشر سنوات:
سنة 2020، لن تكون غزة صالحة للعيش، مياهها مالحة، وأرضها قاحلة، وسماؤها كالحة، وأفقها مغلق
سنة 2022، غزة تصدر التوت الأرض، ولديها فائض حمضيات، ولديها فائض بندورة وبطاطس وبصل وخيار وزهرة وملفوف، ولدى غزة فائض صواريخ ترعب الأعداء!
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com