في قصّتي القصيرة "كتاب في القرية" التي كتبتها في العام 1965 يتساءل أحد الفلّاحين معلّقًا على كتاب ألّفه ابن قريته: يكتب عنا؟ احنا مين؟ إيش بدّو يكتب؟ يكتب عن ابن العرجا لما أصابه الباسور وطزعه الدكتور بالكهربا في قفاه حتّى يحرقه وبلّش يتمرقح؟ سأله الدّكتور: ليش بتتمرقح يا تيس؟ كلّ واحد بحرق له الباسور بصرخ من الوجع. قال له: بضحك لأنّو الكهربا وصلت قفاي قبل متصل بلدنا!!
ويبدو أنّ هذه اللقطة السّاخرة المرّة عبرت الحدود فاستعملها بعد سنوات فنّان عربيّ كوميديّ مشهور في احدى مسرحيّاته.
وعلى الرّغم من مرور 57 عامًا ما زالت هناك قرى عربيّة عديدة في النّقب بدون كهرباء وما زالت أحياء وبيوت في مدن قرى عربيّة في بلادنا بدون كهرباء أيضًا أي بدون ثلّاجة وغسّالة ومكيّف وتلفزيون وبدون انترنت ويعتقد البعض من أهلنا أنّ دخول حزب عربيّ في الائتلاف الحكوميّ اليمينيّ يساعد على ربط هذه القرى وهذه البيوت بالكهرباء مع أنّ هذه حقّ طبيعيّ للمواطن لا يتعلّق بالانتخابات أو بالائتلاف والمعارضة.
سألني قبل سنوات قليلة شابّ عربيّ يسعى الى حياة كريمة: لماذا لا تدخل القائمة المشتركة الائتلاف الحكوميّ؟
أجبته ساخرًا: عرض الليكود علينا وزارة الزّراعة أو وزارة العلوم مقابل دخول المشتركة الائتلاف فرفضنا وطلبنا وزارة الدّاخليّة أو وزارة الماليّة!!
وأضفت: أتظنّ أنّ من رفع نسبة الحسم كي لا يرى عربيًّا في الكنيست يحتمل رؤية المشتركة في الائتلاف الحكوميّ؟؟ وهل فكّرت بما يعنيه دخول الائتلاف الحكوميّ.؟!
أن تكون عضوًا في الائتلاف الحكوميّ يا بنيّ معناه أن توافق على الميزانيّة الضّخمة جدًّا لوزارة الأمن الّتي تخطّط لضرب حزب الله وتدمير الضّاحية كما تخطّط لتدمير غزّة وتحرس المستوطنات والمستوطنين وتساعدهم على سلب الأراضي العربيّة..
أن تكون عضوًا في الائتلاف يعني دعم الاستيطان في القدس العربيّة والضّفة الغربيّة والجولان وأن تغضّ النّظر على ممارسات المستوطنين وزعرناتهم ضدّ أبناء شعبك في الضفة الغربيّة المحتلّة.
أن تكون عضوًا في الائتلاف يعني أن ترى السّلطة تهدم بيوتًا لعرب النّقب. وتقلع أشجارهم وتبيد مزروعاتهم وتحتجّ همسًا.
أن تكون عضوًا في الائتلاف يعني أن توافق على قوانين حكوميّة يمينيّة لا يحتملها ضميرك. وألّا توافق على لمّ شمل كلّ فلسطينيّ تزوّج فلسطينيّة من وراء الخطّ الأخضر. أن تكون عضوًا في الائتلاف معناه أن توافق على قانون القوميّة وأن تعلن بعد صلاة الفجر يوميًّا بأن إسرائيل دولة يهوديّة، هكذا قامت وهكذا ستبقى، وأن توافق على أنّ مدينة القدس موحّدة وهي عاصمة إسرائيل للأبد. وأن ترفض فتح قنصليّة أمريكيّة في القدس العربيّة.
هل يمكن أن يكون العربيّ الفلسطينيّ عضوًا في ائتلاف حكوميّ في حكومة احتلال تمارس كلّ الموبقات على أبناء شعبه؟!!
وصلت الكهرباء الى قفا ابن العرجا، بلا مؤاخذة، قبل ستّين عامًّا ولم تصل الى قريته حتّى اليوم فهل يستطيع عضو كنيست عربيّ من المؤلّفة قلوبهم أن يقهقه؟
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com