خبران لفتا انتباهي يوم أمس الخميس: الأول بثته قناة إسرائيلية يتحدث عن (سرقة ؟!) قاعدة عسكرية إسرائيلية، والثاني نشرته إذاعة (كان) بالعبرية ويتحدث عن دفاع منصور عباس رئيس القائمة العربية الموحدة (الإسلامية الجنوبية) عن المستوطنين واليمين في دولة عباس، دولة قانون القومية.
القناة الإسرائيلية 13 كشفت عمّا أسمته "أكبر عملية سرقة لقاعدة عسكرية إسرائيلية" تقع في البلاد. فماذا فعل اللصوص وماذا سرقوا وكيف تمت السرقة؟ المعلومات التي بثتها القناة العبرية تقول ان "الحرامية" تمكنوا من سرقة مئة ألف رصاصة من قاعدة عين زيتيم بالجليل الأعلى، وإنّ عملية السرقة قد جرت قبل شهر ونصف من مستودع خاص ببنادق "إم – 16" التي يستخدمها عادة الجيش الإسرائيلي.
لكن مصادر في الشرطة الإسرائيلية عندها رأي مختلف، عما نشرته القناة العبرية. فهذه المصادر تقول ان كمية الرصاصات المسروقة أكبر من ذلك، وان عدد الرصاصات التي تم سرقتها يتجاوز ألـ 150 ألف رصاصة. فأين ذهبت هذه الكمية؟ الجيش الإسرائيلي يعترف ووفقًا لتقرير القناة، بأن "زعران" الجريمة المنظمة في البلاد هم وراء عملية السرقة. ولكن ماذا سيفعلون بآلاف الرصاصات المسروقة يا ترى؟ يقول الجيش بكل صراحة ان "هذه الذخيرة وجدت طريقها بلا شك إلى قرى ومدن شمال إسرائيل" وهذا يعني إلى المجتمع العربي لبيعها هناك في السوق السوداء.
والسؤال الذي يطرح نفسه؟ كيف يمكن "للحرامية" من دخول قاعدة عسكرية محصنة أمنياً في إسرائيل؟ هذا بالطبع أمر مستحيل. لذلك يبقى الإحتمال: الشك في وجود حرامية من الداخل . لكن اللصوص لا يزالون أحراراً ولم يتم القبض عليهم لغاية الآن بمعنى ان التحقيق لا يزال جارياً في هذه العملية.
عملية سرقة هذه الكمية من الرصاصات الخاص بسلاح حديث مثل "أم 16" يعني وجود كمية كبيرة من هذا السلاح قي متناول يد الجمهور وبالتحديد بحوزة عناصر من مافيات الجريمة المنظمة في البلاد وبالأحرى في المجتمع العربي. ولذلك لا تستغربوا من تزايد عدد القتلى في مجتمعنا.
أما الخبر الثاني الذي "يسم البدن" فبطله الإسلامي الجنوبي منصور عباس رئيس القائمة الموحدة، فقد صرح عباس، صباح أمس الخميس، في حديث لاذاعة "كان" بالعبرية، أنه يرفض "تعميم وصف العنف على جمهور المستوطنين". يعني باخنصار "بزعل إذا قال حدا إن المستوطنين عنيفين" ما هذا يا عباس؟ ومن أجل أن يجد مهرباً لتعبيره فهو لا يعمم، يعني "مش كلهن عنيفين". وأنا أتساءل عما إذا كان عباس بكامل قواه العقلية عندما دافع عن المستوطنين وجردهم من العنف. كيق يمكن لعباس أن يطاوعه ضميره بتصريح مثل هذا، في الوقت الذي يتحدث فيه اليميني وزير الأمن الداخلي عومر بارليف عن عنف المستوطنين بدون استثناء وعن الارهاب الذي تمارسه عصابات المستوطنين ضد الشعب الفلسطيني؟ "يعني صار عباس حنون على المستوطنين أكثر من بارليف وأكثر من بينيت". هذه هي "الموحدة" وهذه هي "الإسلامية الجنوبية".
بدون شك، فإن دفاع عباس عن المستوطنين هو مزاودة واضحة على الموقف الذي تخذه بارليف ضدهم، وهو (أي عباس) يريد أن يرهن لسيده "بينيت" و "لشقيقته" في الائتلاف شاكيد وزيرة الداخلية، أنه يقف معهما ضد تصريحات بارليف، خصوصاً ان رئيس الحكومة بينيت كان قد وجه انتقاداً شديداً لبارليف يوم الثلاثاء بسبب تصريحه المتعلّق بعنف وإرهاب المستوطنين ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفّة الغربية المحتلة،وقد علق الصحفي يفغيني زروفينسكي، على تصريحات منصور عباس، ساخرًا: " عباس يميني أكثر من بينيت". . عباس ذهب إلى أبعد من ذلك، حيث قال في مقابلة تلفزيونية باللغة العبرية (الفيديو متوفر ) أنه يشكر الله انه زار الكنيس وهو غير نادم لأن هذا ساعده في نهجه الجديد.
تصوروا ياناس، أن ما تقوم به عصابات المستوطنين في الضفة الغربية من أعمال سرقة ونهب وتدمير للأراضي الفلسطينية يعتبر جريمة بموجب اقانون الدولي، ثم يخرج منصور عباس ويرفض وصفهم بالعنيفين الأمر الذي يعتبر فضيحة. لكن عندما تأتي فضيحة من أهل الفضائح فهي ليست فضيحة. ومن المفترض أن يجري عباس "فحص دم" للتأكد إذا كان الدم الذي يجري في عروقه هو دم فلسطيني.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com