زُنزُن وخرطوم المياه
(من سلسلة قصص زُنزُن للصغار بصدد الطباعة)
السفير منجد صالح
اتّفقت والدة زُنزُن مع والدة صابر، زميله وصديقه في المدرسة، أن يقضيا يوم الجمعة معا في بيت والد صابر الريفي، حيث كروم الزيتون والتين والعنب، وأشجار اللوزيّات بأنواعها.
كما يتزيّن البيت بحديقةٍ جميلةٍ مُنسّقةٍ مزروعةٍ بورودِ الجوري الأبيض والأحمر، والقرنفل البلدي ذي الرائحة العطريّة الفوّاحة.
وقد تحدّثت أم زُنزُن مع والدة صبار:
لا بأس أن يقضي ولدي زُنزُن يوم العطلة الأسبوعية برفقة ولدك صابر في مزرعتكم، ولكن عليهما الانتباه حين اللعب.
لا تقلقي يا أم زُنزُن، فولدك مثل ولدي، وساحافظ عليهما وادثّرهما برموش عيوني، أجابت والدة صابر بكل ثقة.
شكرا، ربنا يسهّل، وان شاء الله ما بصير إلا الخير، اردفت أم زُنزُن مُتأمّلة مُتفائلة.
غادرت والدة زُنزُن المزرعة بسيّارتها "البيجو" زرقاء اللون، على وعد أن تعود في الليل لاصطحاب فلذة كبدها زُنزُن إلى البيت.
قضى زُنزُن يومه، بالطول وبالعرض، مع صديقه وزميله صابر وعائلته في المزرعة الفسيحة "المدبوزة" بالأشجار المثمرة.
لم يترك زُنزُن وصابر زاوية من زوايا المزرعة إلا ولعبا فيها وأكتشفا ماذا تحوي من نباتات وحيوانات.
فقد مكثا وقتا في "صيرة" الأغنام يلعبان مع الجديان الصغيرة اللطيفة ذات الشعر الطويل المالس. ولعبا مع الأرانب وأطعماها ورق الخس والحشائش الجافة.
أمّا في "خمّ" الدجاج والبط والحبش فقد راى زُنزُن أربع بيضات بأحجام مختلفة ملقيّة على أرضية الخم المقفل. فتح زُنزُن باب الخمّ وتسلل من بين أرجل الدجاج والحبش والبط ونقل البيضات إلى خارج الخمّ.
حاولت إحدى البطّات أن "تنقر" زُنزُن في يده حتى لا "يسرق" بيضاتها، لكنه مسكها في عنقها، فبدأت تصيح وتتلوّى من الألم، فشفق عليها زُنزُن وأطلق سراحها.
لكنّه حذّرها بإشارة من إصبع يده اليمنى من محاولة العودة لنقر يده مرّة أخرى.
هلّ الليل وحلّ على المزرعة الريفيّة الجميلة التي كانت مسرحا واسعا طوال النهار للعب صابر وزٌنزُن.
سبتت الطيور والعصافير وصمتت والتجأت إلى أفنان الأشجار لتنام ليلتها هادئة ً هانئة.
حضرت والدة زُنزُن لاصطحاب ولدها زُنزُن واعادته إلى حضن بيتهم الدافئ.
أم زنزن بقدر ما كانت فرحة للقاء صغيرها بقدر ما كانت متفاجئة مستغربة بأن زنزن يلبس ملابس أخرى غير ملابسه!!!
سألت مستفسرة من والدة صابر:
كيف ولماذا ولدي زنزن يلبس ملابس أخرى غير ملابسه؟؟!!
لا تقلقي يا أم زنزن أرجوك، لقد حصل حدث بسيط، أجابت أم صابر.
لقد أقلقتني فعلا و"شغلت بالي"، ماذا حصل؟؟!! أردفت أم زنزن بنفس لهجة الإستغراب.
ما حصل بسيط، لقد لعب صابر وزنزن بخرطوم المياه، وضحكا وتراكضا وتدفّقت المياه رشّاً عليهما، فتبلّلت ملابسهما، وقمت أنا بنفسي بتغيير الملابس لكل منهما. والحمد لله ان ملابس صابر جاءت على مقاس زنزن. هذا ما حصل بكل بساطه.
الحمد لله ان الأمور لم تتعدّي "طرطشة" مياه، لقد كنت قلقاً على ولدي زُنزُن وعلى صابر طبعا.
ضحكت أم صابر وضحكت أم زنزن من لعب عيالهما.
وتوجّهت أم صابر إلى والدة زنزن قائلة:
تفضّلي يا عزيزتي إلى صالون البيت لنحتسي معاً فنجاناً من القهوة الساخنة، يُرافقه لوحاً من الشوكولاتة اللذيذة.
كاتب ودبلوماسي فلسطيني