عزيزتي الجميلة الشهية، كل وقت وأنت أجمل مما أراك، وأشهى مما أتمنى، وألذّ مما ينبغي.
سعدت سعادة لا توصف، وقد سرقنا الوقت في الحديث أمس لأكثر من ساعة ونصف، كنتِ مليئة بالأفكار، مليئة بالغضب، مليئة بالحرقة، كنت رؤيوية مستقبلية أكثر مما قد يستوعب الآخرون. أحمد الله على أن تمت الأمور بسلام، وأنك لم تصابي بأي مكروه في رحلتك الأخيرة. كنت قلقا جدا وأنت لم تردي على رسائلي القصيرة المرتبكة كل حين. قلب العاشق دليله على ما يبدو.
هل صار الوقت أقرب من أي وقت لنلتقي، آمل أن يكون بعد أسبوع من اليوم كما توقعتِ، سيكون لقاء تاريخيا بالنسبة لأفراح قلبي المبتهل والمتبتل في محراب جمالك الشهي، يا ليتك تدرين ماذا أعد لك من جمال الاحتفاء والاحتفال بذلك اليوم. أرجو ألا تخلف الظروف موعدنا فتنكسر نشوة القلب ويغضب وجه العالم، وتسودّ صحائف الملائكة الرابضين على كتفيّ وكتفيكِ.
الحبيبة التي أغرق في تفاصيلها حتى قبل أن أراهاـ ألا انظري في هذه الطقوس لتستعدي لها، واتركي الأدباء والشعراء والنقاد جانبا ولا تدخليهم بيننا في اللقاء المرتقب، إنه لقاؤنا نحن، نجوانا نحن، حديث في الحب والغزل والشوق والنشوة. لقاء تأمل الجمال وتفاصيل التفاصيل في كلك المعلن والمستتر. يا له من لقاء يذيبني على شفتيك بقبلة تعيد إحيائي على صدرك المنتشي.
حبيبتي الجميلة الفارهة في كل ما يخطر على بال، وما لا يخطر في قلب حبيب بعد، أدسّ لك قلبي في تلافيف هذه الرسالة مغلّفة بهذه القصيدة المعدّة للقائنا فتأمليني على هديها. أحبك حتى يرضى الحب عنّي وعنك، ويشملنا بعطفه وكرمه.
من أين أبدأ طقسنا الموعود في ذاك السريرْ؟
تعاليْ بملابس الحبّ الأنيقةِ
مثل ضوء الشمعدانْ
وهيِّئيني قبل ذلكَ باغتسال مستطيل في مياه دافئةْ
واسترخي بقربي دونما تعب وخوفْ
لأعبر فيك بعد بعض مقدماتْ
وأكملي نقصي المعرّف ههنا
واكتملي بحرف من نشيدْ
عطشي شديد يا كؤوس الظلّ يا ولهي المديدْ...
تعالَيْ كيْ أعدّ أصابعكْ
عشرين مرّة
ستاً وعشرين سنةْ
وأزرعُ بين نهديكِ الصغيرينْ
بين كلّ خليّتينِ
عبارتينِ
ووردة وقصيدة وحروفَ باءْ
تعالَيْ كي أغوصَ في كلّ التفاصيل المثيرة والقريبة والبعيدة في التخيُّلْ…
وأفوّضُ أمري للأصابعِ
للحكايات الغريبةْ
للصدى الممتدّ عند الدغدغةْ
واستقيمي في متون الآه عند إشباع الفراغ لتلك المحبرةْ
مُبْيَضّةً وحليب ماءْ
تعالَيْ مثلما تأتين منّي
خليّة مرويّة مجليّة مثل بلَّوْر مُضاءْ
واستكملي أنثاك فيّ بكلّ أصناف "الذكاء العاطفيِّ"
وجِنّي في اشتعالات الضياءْ
تعالَيْ مثل رائحة الشِّتاءْ
بما تبدّى من ربيعك عندما تجلى على شفتيكِ أحلام النساءْ
تعالَيْ مثلما تأتي الغيومْ
واستفيقي في مساحات امتداد أصابعٍ عشرينَ في مرح السماءْ
تعالَيْ مع حساسينٍ وجوقة أنبياءْ
ورياح ناعمات الخطو مع ذاك الفضاءْ
لا تتركي شيئاً وراءك دون أن يحلو على مسّ الصفاءْ
تعالَيْ والشفاه نديّة محمرّة عطشى تردّدني بين حرف ندائها من قبل أن يصدى النداءْ
تعالَيْ قامة حوريّة ورقاء مثل يمامة هدلتْ
وأشجت في الغناءْ
تعالَيْ يا ابنة الكرم المعدّ من اغتباقك كلّما حلّ المساءْ
تعالَيْ مثل نهر جامح على شطّيْهِ مغتسلي
وتعمّدي طقساً تمرّد مثلما شئتِ يشاءْ
تعالَيْ علّنا في الوقت ندخل دون لعبته الطويلة في افتعالٍ واقتضاءْ
دون فلسفة أو كسرة من فكرة أو ربّما شيءٌ يؤخّرنا عن المضمون في كلّ ابتداءْ
تعالَيْ دون أيّ شَيْءٍ
غير أنتِ
أنت أنت الاشتهاء الكامل الإحراق في كلّ اشتهاءْ
أنتِ الإضاءاتُ المسافرةُ النقيّةُ كلّما أزهرت رؤيا
واستعرت الحرف من خلل السناءْ
تعالَيْ كي تعدّيني كما كنتُ فعلتْ
وتخفّفي من لحظتين جريحتين قصيرتين في هذا اللقاءْ
وتفرّغي منّي إليَّ بكأس الخمرة النشوى تدفّق في انتشاءْ
تعالَيْ كي أقصّ لك الحكاية كلّها
فعند طفولتي الأولى تعلّمت الرواية
وتركتها مكتوبة على جدران ظلّي
ولم أكمل نهايتها
وبدأتها بوشايةٍ العرّافة الكبرى
تعلّمني اغتيالي في يديك مشيتُ
أصغي لأشجاري وعرّفني النداءْ
تابعاً صوتاً بعيداً قادماً من غربة محفوفة
تقتات من عسفِ الخفاءْ
تعالَيْ واسمعي ضوئي
تشرّبيني أغنياتْ
فأشيائي الخفيّة ناضجةْ
ويرضعها الخافت المحموم أكثر من شتاءْ
تعالَيْ واكتبي إحياء أسفاري على وهَج اللقاءْ
حبيبتي التي يجلها الوقت وترفعها اللحظة إلى مقام القديسة إنني لمنتظر على أحر من الجمرـ سأخبرك سرا عندما نلتقي ماذا حدث معي وأنا أكتب لك هذه الرسالة الغارقة في نشوة الرضا والجمال.