اثار مشروع قانون تقدم به عدد من الوزراء بوقف استيراد المواشي من خارج البلاد، وذلك بداعي الرفق بالحيوان، اثار استياءً عارمًا في صفوف المواطنين العرب في البلاد، خاصة وان مثل هذا القانون سيؤدي إلى رفع أسعار اللحوم. ويقضي الاقتراح بوقف ظروف النقل الصعبة للحيوانات التي يتم استيرادها بهدف الذبح ، حيث يتم نقلها في رحلة قد تستغرق اياما طويلة وبظروف صعبة، ما يتسبب بإصابتها ببعض الامراض، علما ان الاقتراح البديل لاستيراد المواشي من خارج البلاد ان يتم استيراد اللحوم بعد ذبحها في الدول المختلفة، ويبقى السؤال هل ستكون هذه اللحوم حلال بذبح إسلامي شرعي.
يقول فضيلة الشيخ د. رائد فتحي رئيس كلية المدينة: "أوّلا نحن مع كل اقتراح يحقق السلامة والراحة والاحسان مع الحيوان لان النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ الله كتب الإحسان على كل شيء، وبما في ذلك الحيوان. وسنة النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم بالاحسان إلى الحيوان عظيمة، لكن مع ايماننا بذلك، فاننا نقول الاصل اذا فعلا ثبت ان هناك اضرارا بالحيوان، أو أنّ هناك أذى يترتّب على العجل والبقر والخروف، فالأصل ان تؤخذ كامل أسباب العناية بأن يصل هنا بغير ايذاء ومن غير ضرر يلحق به".
منع وصول العجول الى بلادنا يضر بنا دينيا ويضيق علينا دينيا
وتابع فضيلة الشيخ فتحي بالقول:" ولكن منع وصول الخراف، ومنع وصول العجول الى بلادنا يضر بنا دينيا ويضيق علينا دينيا ، وذلك لان القربان، لان الأضحية، لأن العقيقة ارتبطت فينا، بشريعتنا، بديننا نحن كمسلمين. فعندنا كمسلمين، هناك الاضحية التي تكلم بها العلماء بين سنة مؤكدة وبين ان يكون واجبا وتكلم العلماء ايضا عن العقيقة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه، وايضا النبي صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين كبشين املحين. وبالنسبة للاضحية، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ما تقرب من الله بيوم نحر بافضل من اراقة دم. فنحن مرة اخرى مع الاحسان مع الحيوان، مع تجنب اي ايذاء للحيوان ، لكن مع عدم الاضرار علينا في ديننا وعدم الاضطهاد الديني، بأن تبقى امكانية شعيرة الاضحية وشعيرة العقيقة، فانها تؤلف وتقرب المجتمع وتقرب العوائل وايضا تنفع الفقراء".
واضاف د. رائد فتحي: "طبعا الاصل في اي مجتمع رشيد في العالم ، اي مؤسسة واي حكومة رشيدة في العالم ان تهتم بمجتمعاتها. من الواضح ان الاستهلاك الاعظم والاكبر كما تقول الدراسات لهذه اللحوم هو في الوسط العربي ولدى الاقلية التي اصلا تعاني من مستوى اقتصادي اقل من سائر المجتمعات، فان تضيق عليها اكثر وان ترفع من مستوى سعر اللحوم اكثر، فهذا يضيق على الوسط العربي ، لذا ينبغي أن يؤخذ هذا الامر بالحسبان ، ينبغي مراعاة الحالة الاقتصادية والمجتمعية لدى المجتمع العربي في الداخل الفلسطيني ، وبالتالي فعلى المقنن ان يأخذ كل ذلك بعين الاعتبار وبالحسبان ، بل اكثر من ذلك فانه لا بد من التثبت والتأكد مستقبلا في حال استيراد اي لحوم من انها هل ذُبحت وفقا للشريعة الاسلامية ، هل عليها الختم الحلال ، وختم الحلال هذا هل هو صادر من جهات موثوقة قطعا ام انه مجرد ختم ليس له رصيد من الناحية الشرعية الاسلامية".
الشيخ رائد فتحي
متخوف من التجارة ان يدخل فيها ما ليس حلالا
وخلص فضيلة الشيخ فتحي الى القول: "انا متخوف من التجارة ان يدخل فيها ما ليس حلالا، ان يدخل فيها ما هو حرام، اذ تناقلت الكثير من وسائل الاعلام عن استيراد بعض الاسماك والحيوانات من دول معينة في العالم لا نريد ان نذكرها، مكتوب عليها أنها ذُبحت ذبحا حلالا ، يبدو ان بعض المسالخ في العالم باتت تعرف ان لفظ الحلال هو ماركة تجعل المستهلكين ، تتسع دائرة المستهلكين ، فمن الممكن أن يُختم هذا الختم الحلال من غير رصيد . انا ادعو كل المستوردين العرب للحوم مستقبلا بان تتثبت من فكرة الحلال وان تتأكد من انه قد ذثبح ذبحا حلالا وبشكل كامل".
أما السيد قصي صعابنة وهو مربي للمواشي، فقد قال: "سمعت أنّ هناك قانونا يتم العمل عليه في الكنيست حول الرفق بالحيوان، واستيراد المواشي والبقر من خارج البلاد، وبالطبع اذا ما تم توقيف هذا الاستيراد فنحن مربي المواشي والأبقار سننتفع من هذا الامر وسترتفع الاسعار ما يشكل نفعا لنا. ولكن من ناحية اخرى، ماذا سيحدث للناس، الناس يريدون أن يأكلوا اللحوم ، لذا يجب ان نقوي فرع تربية الابقار والمواشي، ولكن لا توجد لدينا القدرة على فعل ذلك، بسبب ارتفاع اسعار الاعلاف . لذا يجب البحث عن طريقة لدفع الحكومة على اعطائنا تمويل لإطعام هذه الحيوانات والمواشي، حينها نكون في غنى عن الاستيراد من الخارج ويكون لدينا اكتفاء ذاتي ، وحينها سيتحسن كل شيء بما في ذلك الاسعار ، والناس يأكلون اللحوم، لكن حاليا لا يمكن الاستغناء عن الاستيراد".
نريد ذبحا اسلاميا حلالا
وتابع صعابنة يقول: "لكن من ناحية اخرى فنحن مسلمين، ولا نعرف كيف تم ذبح الذبيحة، نحن نريد ذبحا اسلاميا حلالا. ونحن نعرف كيف يتم الذبح في الدول الغربية ، اذ أنه لا يتوافق مع شريعتنا الاسلامية . ويوقف الاستيراد، ترتفع الاسعار، والناس ليس لديها القدرة المادية ، فذوو الدخل المحدود لن يستطيعوا ذبح عقيقة عن اولادهم في حال وقف الاستيراد لأن الاسعار حينها سترتفع كثيرا. سعر كيلو لحم الخروف في الأعياد مع العلم أنّ هناك استيرادا من الخارج، الى 37 شيقلا تقريبا ، فكيف سيكون حال الاسعار في حال تم قطع الاستيراد؟ حينها ربما يصل سعر كيلو الخروف الى 50 شيقا، ولا يوجد أحد لديه القدرة المادية لذلك".
سنخالف عقيدتنا وديننا
بدوره قال السيد وليد عاشور وهو أحد الزبائن المعتاد بشراء اللحوم وبشكل اسبوعي: "هذا القانون لن ينفع، لانه في الشريعة يجب أن نرى كيف يتم الذبح، وما دام أنّ الذبح كان خارج البلاد، ما الذي يضمن أن يكون الذبح حلالا ووفقا للشريعة الإسلامية؟ اذا اردت ان أعق غدا عن ابني او ابنتي وجاري كذلك الأمر، لذا يجب ان يكون الذبح وفقا لديننا الحنيف. ثم انه لا توجد لدينا هنا في البلاد مزارع تكفي لانتاج كمية كافية من الخراف لجميع المواطنين العرب لكي نذبح وفقا للسنة، واذا استوردنا لحما مذبوحا حينها سنخالف عقيدتنا وديننا، لذا فان هذا غير مقبول. وانا كأحد الزبائن سيكون من الصعب علي شراء اللحوم بأسعار غالية جدا، لو كان لدينا مزارع تنتج الكميات التي تكفينا لما لجأنا الى الاستيراد من الخارج. نحن بالطبع نطلب ممن يستوردون الحيوانات والماشية بان يرفق بها ويهتم بها وفقا للشروط القانونية التي تنص على الرفق بالحيوان ".
وخلص عاشور بالقول:: "ما كان يستطيع شراء اللحوم بألف شيقل في الشهر، سيشتري فقط بـ 300 شيقل بسبب ارتفاع الأسعار . لكن مرة اخرى نحن كمسلمين لا نثق بالذبح خارج البلاد، فما الذي يضمن لنا بأن يكون الذبح وفقا للسنة وللشريعة، وأن يكون اللحم حلالا. أمّا هنا فالأمر مضمون لأنّ الذبح يتم وفقا لشريعتنا وهذا ما يطمئنني".
اللحوم الموجودة في اسرائيل لن تكفي لموسم الاعراس
وقال يوسف كناعنة مدير ملحمة النور – كفرقرع:":"هذا القانون لا يصلح لان الناس لن يستطيعوا الشراء، فموسم الاعراس مثلا يكون استهلاك اللحوم كبيرا، لن تكفي اللحوم الموجودة في اسرائيل وفي حال وقف الاستيراد يكون هناك ارتفاع كبير في الاسعار. فمثلا سعر الخروف اليوم يصل حتى 2300 شيقل، واذا اصبح سعر الخروف 3500 شيقل فمن سيستطيع شراءه للعقيقة؟ كما ان اقل عرس يتطلب 15 خروفا فالعريس لن يستطيع الشراء. انا اعتقد انهم يبالغون في الامر".
الشيخ حامد ابو دعابس : المتضرر من هذا التوجه هو مجتمعنا العربي وشعبنا الفلسطيني
وفي تعقيب لفضيلة الشيخ حماد ابو عباس رئيس الحركة السلامية الجنوبية، فقد قال: "واضح جدًا أن المتضرر بالأساس من هذا التوجه هو مجتمعنا العربي وشعبنا الفلسطيني . وعليه ، فإنه لا بد من بذل جميع الجهود المطلوبة لمنع هذا المساس الكبير بمصلحة المواطنين ، والتغيير الكبير المتوقع على حياتهم نتيجة هذا الإجراء في حال تطبيقه. أتوقع أن يبذل النواب العرب قصارى جهدهم لمنع هذا الحيف وهذا الظلم بحق مجتمعنا العربي وشعبنا الفلسطيني عبر طرفي الخط الأخضر".
هذا وقد توجهنا مرارا لفضيلة الشيخ الدكتور مشهور فواز رئيس المجلس الاسلامي للإفتاء في الداخل الفلسطيني لأخذ تعقيبه وفتوى لهذه القضية الشائكة إلا أنّه لم يكن رد لهذه اللحظة وفي حال وردنا سنقوم بنشره فورا" كما قال.