بيني وبينها قمر
بيني وبينها قمرْ..
بعيدةٌ عني مذ أدمنتني نزوةُ السفرْ.. لكنني
أرى وجهها مضيئاً فضاءَ غُربتي في الليالي المُقمِرةْ..
نورُه من نورِها.. سحرُهُ من سحرِها.. فهو مذ رأى وجهَها،
يحاكي وجهَها القمرْ..
في غربتي يجفُّ الدمعُ في المآقي عندما أرى
بهاء وجهها وشماً على وجنةِ القمرْ..
بعيدةٌ.. بعيدةٌ.. ولا تغيبُ عني.. بيني وبينها قمرْ..
يا ويحهُ الهوى! لا ينثني أمام عاديات القَدرْ..
يظلُّ ثابتاً وصامداً.. يفوزُ حتى حين ينكَسِرْ..
بيني وبينها قمرْ..
أراها.. تراني.. في الربيع والشتاءْ..
تكلِّمُني.. أكلِّمُها.. في الصباحِ والمساءْ..
في وجهها ابتسامُ الصبحِ للشمسِ الجديدةْ..
بكلامها عزفٌ على أوتار قلبْ..
لحنينها مرأى صائمٍ يروي الزهورَ بدون شُربْ..
بعيونِها مرأى فؤادٍ يرنو إلى هدف الفراش المستحيلْ..
نظر اتُها تحاكي نُعمى زهرةٍ تنسابُ فوقَ الماءِ
ساعيةً إلى حِضنِ المَصبْ..
***
أعود إلى حقول القمحْ.. حيث السنابلُ خبأت تُحفي الصغيرةْ..
أعودُ إلى طفلةٍ فرِحت يومَ حالت خُصلةُ الشعرِ الطويلِ إلى ضَفيرةْ..
لم أجدْ في السهلِ قمحاً.. صار الصنَوْبر سلعةً مجلوبةً خَلَقت نشازاً في المكانْ..
لم أجدْ أثراً لبيتٍ طالما سكَنَتهُ جارتُنا الأثيرةْ..
غالبني التساؤل: هل تعود معالمُ الزمن الجميلْ.. وهل ستكفي رحلةُ العمرِ القصيرةْ؟
هل أكتفي بأنَّ بيني وبينها قمرْ؟
أيكفي أنني أرى كوكبَ الأرضِ بين راحَتيْها؟
كيف أفلتَ من يدي الزمنُ الجميلْ؟
بعد أن كانت تلاحقُ خُطوَتي مُغرِّدةً عصافيرُ الخميلْ؟
أترضى يا ابن أمي ببدعة الزمن البديل؟
هي التي يحاكي وجهَها القمرْ..
في كل ليلة مقمرةٍ أرى بهاء وجهها وشماً ساطعاً على وجنَةِ القمرْ.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com