قبل عدة أيام وبمرور 100 يوم على تشكيل الحكومة ال 36 برئاسة نفتالي بينيت، قامت الحكومة بنشر كتاب الخطوط العريضة لإستراتيجياتها وأهدافها. ويأتي هذا الكتاب، الذي يبدو أن قسما منه كتب على عجالة، بعد أكثر من سنتين من حالة البلبلة التي شهدتها كافة الوزارات والمكاتب الحكومية في ظل انعدام الاستقرار السياسي الذي نجم عن الانتخابات المتكررة وأسفر عن إدارة الدولة بدون ميزانية مصادق عليها لسنتين ونيف. الى جانب عرض الخطوط العريضة لسياسة الحكومة، من المهم بحث التغييرات في سياسة الحكومة، ان وجدت، ورصد خططها الخاصة بالمجتمع العربي. ويلاحظ التباين الواضح بين الوزارات المختلفة في التعامل مع قضايا المجتمع العربي فبعضها وضعت بشكل صريح تطوير المجتمع العربي كأحد أهدافها الرئيسية، البعض تحدث عن تطوير الأقليات أو الضواحي وبعضها اختارت العمومية في التوجه.
وزارة المالية
سبعة أهداف أولها تحليل وتقدير تأثير جائحة الكورونا على السوق الاسرائيلي وتحديد طرق التعامل مع تأثيرات الجائحة على سوق العمل مثل تشجيع خلق فرص عمل جديدة وتشجيع الخروج الى العمل عبر محفزات. ثانيا، خطة لتشجيع اصدار الانظمة خاصة المتعلقة بحماية البيئة وترخيص المصالح التجارية. ثالثا، تقليص الأموال السوداء وهي التي تأتي نتيجة تقديم تقارير مزيفة لسلطة الضرائب. رابعا، الاستثمار في مشاريع بنى مركزية على رأسها خطوط مترو وقطار سريع في منطقة غوش دان، قطار سريع في منطقة القدس، تحسين الصرف المائي, التسريع بنقل بعض من معسكرات الجيش الى النقب، وتطوير الشوارع في مختلف أنحاء البلاد. خامسا، تحسين الجباية الحكومية حيث بلغت ديون للحكومة ما يقارب 54 مليارد شيكل بينها سلطات محلية مدينة. سادسا، تبنى تقرير منظمة OECD بكل ما يخص المعاشات بالقطاع العام. سابعا، تقليص الفجوة في الانتاجية بين الدولة ودول OECD. ولم تذكر الوزارة أي مشروع خاص بالمجتمع العربي. وقد أغفلت جانب عدم المساواة الاقتصادية بين فئات المجتمع المختلفة.
وزارة الإسكان
من الخطوات التي تسعى الوزارة لتطبيقها هي أولا فتح مجال العقارات أمام الجميع عبر زيادة تسويق الوحدات السكنية، الوصول الى اتفاقيات سقف جديدة، إزالة العقبات امام التخطيط والتسويق وأيضا تشجيع استعمال التكنولوجيا في مجال البناء يشمل تأهيل قوى عاملة. كما أن الوزارة تسعى الى زيادة عدد وحدات السكن في المركز وفي الضواحي بحيث تشمل الأقليات ومنها العرب. ثانيا، رفع قدرة المواطن على شراء بيت عبر تخفيضات في شراء أرض، خفض تكاليف التطوير ومنح لمن يرغبون بالسكن في الضواحي. كذلك زيادة سوق الاستئجار الحكومي عبر مشروع " شقة للايجار" وهو مشروع حكومي لم يدخل حتى الان الى بلداتنا العربية. ثالثا، زيادة الحلول المطروحة في مجال السكن للفئات الضعيفة ماديا التي تعجز عن امتلاك بيت. رابعا، تخطيط على أساس إقليمي او متروبولين بحيث يتم الأخذ بعين الاعتبار الزيادة السكانية وتوزيع السكان على مناطق جغرافية إضافية وهذا يشمل بناء مناطق تشغيل وتطوير المواصلات لتوفير احتياجات الساكن بهذه المناطق. خامسا، الاستمرار بمشروع التجديد الحضري بحيث يشمل مناطق الطلب وبعدها تدرس الوزارة نقله الى الضواحي. الميزانية المخصصة تصل الى 500 مليون شيكل وهي معدة للمدن التي تلتزم بمنح تراخيص بناء ل 600 وحدة سكنية خلال خمس سنوات. وان هذا المشروع المهم الذي يمكن من تطوير الحارات القديمة قد دخل بشكل محدود الى بلداتنا العربية ويلاقي العقبات الجمة لتنفيذه في البلدات العربية لعدم ملائمته في صيغته الحالية لخصائص المجتمع العربي.
وزارة الصحة
إضافة الى مكافحة وباء الكورونا فان الوزارة تطرقت الى ضرورة ملائمة الميزانيات للاحتياجات المتزايدة من حيث سلة الصحة، الزيادة السكانية والحاجة الى ملائمة الخدمات للتكنولوجيات الحديثة في إشارة، ربما، الى عدم رضاها عن الميزانية التي منحت لها. وقد وضعت الوزارة لها أهداف تختص بتقليص وقت الانتظار للأدوار، تحسين الخدمات النفسية، توفير العلاج البيتي، تقوية مجال الرقود في المستشفى، تطوير الأقسام الداخلية في المستشفيات والمساواة في الخدمات الصحية خاصة عند الأقليات وفي الضواحي. وقد ذكرت الوزارة انها سوف تسعى لتعزيز الخدمات المقدمة للمجتمع العربي ضمن خطة خاصة للمجتمع العربي. إضافة لذلك سوف تعمل الوزارة على دعم القوى العاملة في المجال الصحي.
وهنا نذكر أن مجال الصحة في المجتمع العربي مهمش، حتى الان، ولا يتلقى الميزانيات الحكومية الكافية وهناك مطالبة ببناء مستشفى في مدينة عربية إضافة للمراكز الطبية.
وزارة الأمن الداخلي
لقد حددت الوزارة لنفسها ستة أهدافا رئيسية مع التطرق الى المجتمع العربي. أولا، زيادة الأمن الشخصي وثقة الجمهور خاصة لجهاز الشرطة في أوساط الأقليات كالعرب، الاثيوبيين والحريديم. مكافحة افة العنف والجريمة بالمجتمع العربي جاءت كهدف ثان وتنوي تطبيق ذلك عبر تكثيف التواجد الشرطي في البلدات العربية، فرض سلطة القانون لاجتثاث العنف والجريمة المنظمة، رصد السلاح غير المرخص وتعزيز البنية الاجتماعية في البلدات العربية. وتسعى الوزارة للوصول الى الهدف من خلال التعاون بين كافة الأطر ذات الصلة. اما الهدف الثالث فهو مكافحة العنف ضد النساء وداخل العائلة. رابعا، تحسين مستوى الخدمات عبر استعمال التقنيات الحديثة. خامسا، تطوير الأداء في حالات الطوارئ العديدة يشمل الكورونا، الحرائق وبما سمي الاخلال بالنظام العام. سادسا، اجراء تعديلات على وسائل العقاب، السجن والتأهيل وخاصة ما يخص مصلحة السجون.
وزارة التربية والتعليم
في عرضها لم تأت الوزارة تقريبا بجديد عما سبقها فقد تطرقت الى إدارة جهاز التربية والتعليم في ظل جائحة الكورونا، نقل المسؤولية عن جيل حتى 3 سنوات للوزارة، استقلالية جهاز التعليم، تعزيز مكانة المدير والمعلم وبناء جهاز تعليم داعم للمجتمع. بما يخص المجتمع فقد ذكرت أن أحد الأهداف هو تطوير جهاز التعليم لدى المجتمع العربي البدوي في النقب.
وزارة الاقتصاد
لقد وضعت الوزارة لنفسها ستة نقاط للعمل عليها منها تحفيز النمو، تطوير القوى العاملة بحيث تلائم احتياجات السوق المتغيرة، زيادة الإنتاج حيث أن هناك فجوة 20% بين إسرائيل وبين دول ال OECD، الحد من غلاء المعيشة ، تحسين المناخ الاقتصادي ودعم قطاع الاعمال ولم يتم التطرق لتفاصيل برغم أن هذا الموضوع يشغل بال قطاع عريض من رجال الاعمال الذين تضرروا من جائحة الكورونا. كما ذكرت الوزارة انها تخطط العمل على زيادة نسبة المشاركة في سوق العمل خاصة المرأة العربية وعلاج مشكلة البطالة وبشكل خاص في المجتمع العربي.
وزارة الداخلية
من أهداف الوزارة الرقمية في الخدمات المقدمة للمواطن وتطوير هذه الخدمات في السلطات المحلية وتحسين مجال ترخيص المصالح التجارية، تعزيز السلطات المحلية وتقويتها اقتصاديا، العمل على نقل صلاحيات من السلطة المركزية الى السلطات المحلية مع ضمان الرقابة عليها، توسيع مجال العمل للعناقيد (اشكولوت) في مجال السياحة وتطوير مناطق تجارية وصناعية مشتركة.
لم تطرق الوزارة الى المجتمع العربي أو حتى الأقليات كجزء من أهدافها انما تحدثت بشكل عام وشامل.
وزارة الرفاة والضمان الاجتماعي
من الأمور التي سوف تعنى بها الوزارة: محاربة الفقر في ظل وجود 2 مليون مواطن اسرائيلي تحت خط الفقر، مكافحة العنف العائلي والعنف ضد المرأة, خطة لدعم المواطنين كبار السن وبما يخص المجتمع العربي فتهدف الوزارة الى تنظيم أمور تتعلق بالبدو في النقب من تطوير بنى تحتية، تعليم، خدمات اجتماعية وصحية وغيرها مع التشديد على فرض سلطة القانون. ويبدو أن الوزارة قد كانت في عجلة من أمرها عند كتابة خطوط سياستها فقد أغفلت نواح عديدة تقع ضمن نطاق مسؤوليتها.
سلطة تطوير البدو في النقب
إقامة ثلاث بلدات بدوية جديدة واحدة منها من القرى الغير معترف بها، المساعدة في تطوير شارع 6 وخط الكهرباء الذين يمران قرب تجمعات سكانية بدوية وايجاد تسوية مع البدو في أم بطين، تل السبع ومنطقة أبو تلول، وأخيرا تطوير البلدات العربية في النقب وخاصة بموضوع السكن.
وزارة المساواة الاجتماعية
لقد حددت الوزارة لنفسها ستة نقاط أساسية منها ما يتعلق بالمواطنين القدامي، تشغيل كبار السن، مكافحة العنف ضد النساء ومجموعة خطط تعنى بالمجتمع العربي وهي خطة خماسية لتطوير المجتمع العربي للسنوات 2022-2026 بقيمة 29.5 مليارد شيكل يشمل الدروز والشركس، خطة لمكافحة العنف والجريمة بالمجتمع العربي تقدر ب 2.4 مليارد شيكل وخطة لتطوير البنى التحتية بميزانية 2 مليارد شيكل. ومن المخطط كما صرحت الوزارة أن تصادق الحكومة على هذه الخطط بالربع الأخير من السنة الجارية.
وزارة الاتصالات
وقد وضعت الوزارة لها أهدافا لتطوير البنى القائمة لتضمن الدولة مكانها في ركب التكنولوجيا الحديثة. في مجال الخلوي فان الدولة تسعى لتطبيق الجيل الخامس، استنفاد العمل بالجيل الرابع حتى سنة 2025 واغلاق الشبكات الجيل الثاني والثالث. وتشدد الوزارة على تمويل الألياف الضوئية في المناطق التي يتعذر على شركة بيزك الوصول اليها. كما تسعى الوزارة الى تخفيض سعر رسوم الهاتف الخاص بشركة بيزك وهو مرضوع لم يحسم بعد لمعارضة وزارة المالية.
وفي هذا السياق من المهم التذكير أن أغلب البلدات العربية تعاني من شبكة اتصالات ضعيفة وبعض الأحياء لا تتلقى خدمات من شركة بيزك وقد برزت أبعاد ذلك بشكل ملحوظ خلال جائحة الكورونا حيث لم يتمكن الطلاب من التعلم عن بعد. يضاف الى ذلك أنه قد ظهرت مبادرات اقتصادية عديدة من القطاع الخاص لادخال تقنية الألياف الضوئية الى البلدات العربية بعضها نفذ وبعضها قيد النفيذ.
وزارة حماية البيئة
لقد حددت الوزارة لها أهدافا استراتيجية تختص بمكافحة أزمة المناخ، إعادة التدوير والانتقال الى اقتصاد التدوير، تحسين وضع البيئة في المجتمع العربي في عدة مجالات: علاج النفايات، تحسين البنى التحتية، تقليل الاضرار البيئية, تحضير السلطات المحلية لموضوع التغيير المناخي، البناء الأخضر في المدارس وغيرها. كما ان الوزارة سوف تسعى للحفاظ على المناطق الطبيعية وتأهيلها. اما الهدف الخامس والأخير هو تعزيز المعايير الخاصة بالبيئة وملائمتها للمعايير العالمية. وتنوي الوزارة العمل على تقليل انتاج النفايات للفرد والهدف هو أن يتحول اقتصاد الدولة حتى سنة 2050 لاقتصاد يعتمد التدوير مع اقل نسبة نفايات.
والمتابع للأمور يعرف أن المسائل البيئية لا تلقى الاهتمام اللازم والميزانيات من قبل الدولة ولا زلنا بعيدين عن المعايير الدولية. فيما يخص المجتمع العربي فقد نشرت الوزارة في تموز الماضي أنها رصدت ميزانية 300 مليون شيكل لتنفيذ خطة للمجتمع العربي وهي ميزانية قليلة، بتقديري، ولا تزيد عن الميزانيات التي رصدت لهذا الغرض في السنوات السابقة.
وزارة الحداثة، العلوم والتكنولوجيا
وقد وضعت الحكومية الحالية لها هدفا بزيادة العاملين في مجال الهاي تيك الى نسبة 15% من مجمل العاملين وذلك خلال 5 سنوات. كما تسعى الحكومة الى تحديد مجالات الأولوية الوطنية في التكنولوجيا العلمية من البحث والتطوير المدني، دعم القيادة المجتمعية التي تسعى الى تطوير التعليم والتشغيل في مجالات الحداثة، العلوم والتكنولوجيا، تشجيع الاستثمار في مجال تكنولوجيا المستقبل لتحويل إسرائيل الى دولة قيادية على مستوى العالم بهذا المجال وخلق نظام اقتصادي داعم. هناك العديد من المبادرات والمشاريع لدمج العرب في قطاع الهاي تيك ومن المهم زيادتها لتشمل أكبر عدد من العاملين بهذا المجال حيث الفرص المهنية والرواتب العالية ويجب مطالبة الوزارة بضم العرب لهذه الخطط الحكومية وإدخال شركات الهاي تيك الى قلب البلدات العربية التي يتوفر فيها المناخ الملائم لذلك. بالنسبة للدعم الحكومي للمجتمع العربي بمجال العلوم فهو شحيح ولا يفي بمتطلبات العصر، أما مشاريع الحداثة فليس هناك سعي لدعم العرب. هذا التهميش والاقصاء كفيل بأن يبقى العرب متخلفين عن الركب.
وزارة الطاقة
الانتقال الى الطاقة المتجددة، الاستثمار في ادخار الطاقة، البحث، التكنولوجيا وتصدير الغاز الطبيعي. وقد وضعت الوزارة لها هدفا بالغاء استعمال الفحم في انتاج الكهرباء حتى سنة 2025 وإنتاج 30% من الكهرباء من الطاقة البديلة حتى سنة 2030. كما سوف تعمل الوزارة على التحول للسيارات الكهربائية. إضافة لذلك فقد ذكر أن سلطة الكهرباء التابعة للوزارة تعمل على تغيير مبنى رسوم الكهرباء للمستهلك التي تتعلق حاليا بساعة الاستهلاك والضغط على الشبكة.
وفي هذا السياق نذكر أنه لا تزال هناك بيوت كثيرة في بلداتنا العربية غير مربوطة بشبكة الكهرباء وهنا بلدات تعاني من تشويش دائم بتزويد الكهرباء بسبب ضعف البنى التحتية وعدم ملاءمتها للزيادة السكانية. وكلها قضايا على الوزارة أن تضعها على السلم أولويات التطبيق.
كلمة أخيرة
لقد عرضت الوزارات المختلفة سياساتها واستراتيجياتها بعضها سوف يترجم الى ميزانيات ومشاريع وبعضها الاخر سوف يضل يراوح في دائرة النوايا لذلك من المهم دفع متخذي القرار الى دمج المجتمع العربي في المشاريع القادمة الأساسية منها إضافة لتلك التي تتطلع الى الحداثة، الرقمية والتقدم العلمي حتى لا يتقوقع العربي في الاحتياجات اليومية بعيدا عن التطور المتسارع في العالم.
25.9.2021
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com