ترتقب بلادنا إمكانيّة الموافقة الحكومية على اقتراح وزارة المالية لضريبة السكر، والّتي تفرض زيادة أكثر من شاقل على كل لتر من المشروبات وفق نسبة السكر فيها. هذه الضريبة ما تزال مقترحة، ومرتقب إقرارها في بداية شهر أكتوبر المقبل. وتثير سرعة اقتراح هذه الضريبة وتنفيذها علامات تساؤل ودهشة، لا سيّما وأنّ وزارة المالية اتّخذت قرارها دون مشاركة المستوردين، ولو شاركتهم الحكومة، أو على الأقلّ كانت فكرة الضريبة مستقبليّة لسنوات قادمة، لعمل هؤلاء المستوردين على حلّ أزمتهم، إمّا بمطالبة شركات التصنيع بتخفيف نسبة السكر، أو البحث عن سوق استيرادي آخر لا يتضرر كثيرًا من هذه الضريبة.
أحد أكثر الأسواق الاستهلاكية تضرّرًا من هذه الضريبة هو سوق استيراد المشروبات التركية، فمن المعلوم أنّ هذه المشروبات (غازية، عصائر ومشروب طاقة) تنتشر بكثرة في الأسواق الاستهلاكية العربية، وتصل إلى البلاد من خلال شركات استيراد عربية يملكها ويرأسها رجال أعمال عرب، والذين يشغّلون في شركاتهم مئات العمال والموظفين، وغالبيتهم من المجتمع العربي.
أحد أهمّ أسباب انتشار هذه المشروبات في المجتمع العربي هو سعرها المشجّع على الاستهلاك، فقد يصل سعرها في بعض الأحيان إلى 2 شاقل، ممّا يسهّل على العائلات العربية الفقيرة استهلاك هذه المشروبات. إنّ فرض الحكومة لضريبة السكر، سيؤدّي إلى غلاء أسعار هذه المشروبات، وقد يرتفع سعر الزجاجة الواحدة بشكل حادّ وملموس، الأمر الذي يردع المستهلك العربي من شرائها، وبالتالي تنخفض كميات الاستيراد ممّا يشكّل ضربة اقتصادية قاسية على المستوردين العرب، وبالتالي على عمال وموظفي هذه الشركات.
يُذكر أنّ قوّة تسويق المنتوج تتناسب عكسيًّا مع سعره، فكلّما كان المنتوج أرخص على جيب المستهلك فإنّ استهلاكه سينتشر أكثر، لا سيّما وأنّ المشروبات التركية ذات جودة عالية وتخضع للرقابة الصحية وتحصل على التصاريح اللازمة. وحين تفرض عليها هذه الضريبة الجديدة، ويرتفع سعرها لمستوى المشروبات الإسرائيلية، فإنّ نسبة استهلاكها ستنخفض بصورة كبيرة، الأمر الّي سيحول دون استيرادها.
وبغض النظر عن أسباب رغبة وإقبال المجتمع العربي على هذه المشروبات، فإنّ المهم في هذا الجانب هو أعداد المستهلكين لها، فقد أوضح تقرير بنك إسرائيل أنّ السوق الاستهلاكي العربي للمشروبات الخفيفة مضاعف عن السوق الاستهلاكي في الشارع اليهودي، وقياسًا بتقدير وزارة المالية لجباية 300 مليون شاقل من هذه الضريبة سنويًّا فإنّ العرب سيدفعون نصف هذا التقدير، أي ما يقارب 150 مليونًا، كون استهلاكهم أعلى بأضعاف من نسبتهم بين مواطني الدولة.
أضف إلى ذلك، هناك ضرائب أخرى تعزم الحكومة فرضها، مثل ضريبة البلاستيك الّتي ترفع من أسعار الأدوات البلاستيكية كالصحون والكبايات، وضريبة المحروقات الكيماوية والتي ترفع أسعار المواد المستخدمة للتدفئة، وغيرها من الضرائب التي ترفع من غلاء المعيشة وتثقل بالذات على الأسر الفقيرة والمتوسطة الدخل.