وصل بيان صادر عن لجنة إفشاء السلام في الناصرة جاء فيه ما يلي: "استيقظت مدينة الناصرة فجر اليوم الاثنين على جريمة قتل جديدة راح ضحيتها الشاب محمود سلام، لينضم إلى تلك القائمة الطويلة من ضحايا العنف والجريمة في مجتمع الداخل الفلسطيني، وذلك بعد أقل من شهرين من مصرع صديقه الشاب خالد نخاش بنفس الطريقة... وليسجَّل في قائمة ضحايا العنف الذين وصل عددهم منذ بداية السنة الحالية 74 قتيلا وقتيلة" ة.
هذا رقم مرعب حقا، يستدعي حراكا شعبيا متواصلا ونشاطات ضاغطة في كل مدينة وبلدة وقرية، كما يستدعي وقفة مسؤولة من جميع القيادات والأطر السياسية والاجتماعية والشعبية للعمل على وقف هذا النزيف الموجع الذي يقضّ مضاجعنا، حتى بات الواحد منا لا يأمن على نفسه وعلى أولاده.
وإننا في لجنة إفشاء السلام في مدينة الناصرة إذ نستنكر بأشد العبارات هذه الجريمة المقيتة، كما نستنكر استخدام العنف بكل أشكاله لحل الخلافات والنزاعات، فإننا نقدم خالص تعازينا لأسرة الشاب الفقيد، داعين الله تعالى أن ينزل عليهم الصبر وحسن العزاء، كما ندعو الجميع إلى ضبط النفس وعدم الانجرار خلف الغضب.
وفي ذات الوقت فإننا نحمل السلطات الإسرائيلية، بما فيها الشرطة، كامل المسؤولية عن كل قطرة دم تسفك عبثا بهذه الطريقة، لأننا نعرف أن السلطات والشرطة تملك الحل ولكنها – كما يبدو لنا على أرض الواقع ومن التجربة وبالقرائن- لا تريد وضع حد للجريمة في مجتمعنا، سواء الجريمة المنظمة التي تقف خلفها عصابات الإجرام أو تلك التي تقع على خلفية انتشار السلاح المرعب في أيدي الآلاف من أبناء مجتمعنا، وخاصة في أوساط الشبان. إذ كيف يعقل أن تعرف الشرطة أن شخصا يحمل سلاحا وأنه أطلق النار وروّع الناس في بيوتهم، ولديها كل الأدلة على ذلك، ومع ذلك تعتقله اعتقالا صوريا – على عينك يا تاجر- ثم تطلق سراحه بعد يوم أو يومين بحجة عدم توفر أدلة تدينه؟!! وهذا المشهد يتكرر في كل مكان. فمتى سيكون في أيدي الشرطة أدلة إدانة، وهي التي تعرف- كما نعرف- من هم الذين يحملون السلاح وما هو نوع السلاح؟ أيعقل مثلا أن الشرطة، التي تزعم أنها ستضرب بيد من حديد كل من يطلق النار في الأعراس، لا تعرف أن حفل الزفاف الفلاني تطلق فيه النار من أسلحة أتوماتيكية، بينما تعرف بكل دقة أن المشاركين في نفس العرس لا يلتزمون بتعليمات وازرة الصحة، فتهب إلى تحرير المخالفات؟؟؟ يا سبحان الله!
يا أهلنا في الناصرة وفي سائر مجتمع الداخل الفلسطيني؛ لقد وصلنا مرحلة خطيرة باتت تهدد الجميع ولا تستثني أحدا حتى الذين يحملون السلاح ويعتقدون أنه سيحميهم. وعلينا أن ندرك جميعا أن الحل في نهاية الأمر موجود بأيدينا نحن، ونحن نملك القدرة والإرادة على التحرك، وعلينا فقط اتخاذ القرار الحاسم بالوقوف في وجه هذا البلاء.
وإننا ندعو الجميع إلى أن يتقوا الله في أنفسهم وأهليهم وأبناء شعبهم ومجتمعهم وفي هذا الجيل الذي يسير على طريق الضياع بدلا من تربية جيل يحمل المسؤولية ويبني مجتمعا حضاريا راقيا. وإننا نقولها بكل صراحة: الآباء يتحملون مسؤولية كبيرة وخطيرة، وهم مدعوون إلى ضبط سلوك أبنائهم ومراقبة تصرفاتهم وعلاقاتهم وصداقاتهم.. فاتقوا الله في أبنائكم ولا تضيعوهم...
نسأل الله أن يرفع عن مجتمعنا هذا البلاء وأن ييسر لنا سبيلا لإصلاح أنفسنا ومجتمعنا وإنقاذ أبنائنا من هذا النزيف.