تسود حالة من الضبابية والغموض على المشهد السياسي العام في تونس، بعد قرار الرئيس قيس سعد تجميد عمل واختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن أعضائه، واستحواذه على السلطة التنفيذية وتوليه السلطة النيابية العمومية.
ما قام به الرئيس التونسي ليس انقلابًا فحسب، وإنما محاولة للتخلص من الجماعات الأسلاموية التي يمثلها حزب النهضة. فكيف يقوم رئيس بالانقلاب على النظام السياسي الذي يتزعمه ويقوده، وهو الذي وصل إلى منصبه بأصوات الشعب التونسي من خلال انتخابات نزيهة وشفافة وديمقراطية لا تشوبها شائبة.!
وفي الوقت الذي يترقب فيه الجميع إلى أين ستمضي الأحداث في تونس، يتساءل الكثيرون: هل ما يقوم به الرئيس التونسي قيس سعد هو تصحيح لمسار الثورة التونسية، التي بعثت الأمل للشعب التونسي وللشعوب العربية، أم أنه انقلاب على الدستور.؟!
وفي الحقيقة أن الإجابة على هذا السؤال يمثل فجوة متسعة بين أنصار الرئيس سعد من جانب، وأنصار حركة النهضة وزعيمها رئيس البرلمان راشد الغنوشي من جانب آخر، سواء على المستوى السياسي أو الشعبي.
وكان سعد أشار إلى أنه قرر "عملًا بأحكام الدستور اتخاذ تدابير يقتضيها الوضع لإنقاذ تونس وشعبها، ولإنقاذ الدولة التونسية والمجتمع التونسي"، مشددًا على أن ما قام به ليس تعليقًا للدستور، وليس خروجًا على الشرعية الدستورية.
وعلى الصعيد العام فقد عبر الآلاف من أبناء الشعب التونسي عن بهجتهم وفرحتهم العامرة، وترحيبهم بقرارات الرئيس قيس سعد ودعمهم لها، بعد معاناة من حكم حركة النهضة الاخوانية، لا سيما بعد تفشي وانتشار مظاهر الفساد في البلاد، والذي تسبب فيه قياداتها على جميع الصعد السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
إن ما يحدث في تونس الخضراء لا يعدو كونه تصحيحًا للمسار الديمقراطي، وهو مسار لن يكتب له النجاح والديمومة والاستمرارية في ظل فكر ظلامي سلفي قمعي وإرهابي لا يؤمن بالأساس بالعملية الديمقراطية، واللجوء في المستقبل المنظور، للخيار الديمقراطي، يمثل مطلبًا شعبيًا وجماهيريًا مهمًا في تونس، لكن لن يكون كافيًا لاستقرار البلاد، إذا ما سمح لحركة النهضة المشاركة في الانتخابات مرة أخرى.